أعلن الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف استعداد بلاده لخفض «ملموس وفعال» في ترسانتها من الرؤوس النووية وقدراتها العسكرية الإستراتيجية، لكنه ربط إمكان تحقيق تقدم على صعيد إتفاق بهذا الشأن مع قيام واشنطن ب»إزالة مخاوف روسيا» في شأن خطط نشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا. ومع استعداد الجانبين الروسي والأميركي لخوض جولة مفاوضات ثالثة حول ملفات التسلح الإستراتيجي ينتظر أن تنطلق الاثنين، بدا أن موسكو تتجه الى حشد طاقاتها وتوظيف كل عناصر الضغط من أجل التوصل إلى صيغ مرضية لها على صعيد الأمن الاستراتيجي وخطط تقليص الأسلحة الهجومية. وكان عسكريون روس أعلنوا قبل أيام أن بلادهم «لن تقدم على أي تقليص لترسانتها النووية» التي وصفها رئيس الأركان الجنرال نيكولاي ماكاروف بأنها «مقدسة بالنسبة إلينا»، قبل أن تتضح نيات واشنطن حيال مشروع نشر «الدرع» في شرق أوروبا. لكن مدفيديف تعمد أمس، تخفيف اللهجة الروسية وبعث برسالة مباشرة إلى الجانب الأميركي حول إستعداد بلاده ل»تقليص ملموس وفعال» في قدراتها العسكرية الإستراتيجية. وقال مدفيديف خلال مؤتمر صحافي عقده في اختتام زيارة لامستردام أمس، انه يأمل في أن يسفر لقاءه مع نظيره الأميركي باراك أوباما في موسكو في مطلع تموز (يوليو) المقبل، عن تمهيد الطريق أمام إعداد معاهدة جديدة بين الطرفين بشأن الأسلحة الإستراتيجية. وزاد أن روسيا «جاهزة لتقليص قدراتها الإستراتيجية». وأوضح الرئيس الروسي أن موسكو يمكن أن تقلص ترسانتها من وسائل نقل الأسلحة النووية مثل القاذفات الإستراتيجية والصواريخ «عدة مرات» بالمقارنة مع الحدود المسموح بها في معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية «ستارت 1» الموقعة بين الطرفين في العام 1991. وأيضا أشار إلى «إستعداد لخفض الرؤوس النووية ذاتها إلى أقل من الحد المنصوص عليه في الإتفاقات السابقة». وأضاف الرئيس الروسي: «إننا نسعى إلى تقليص عملي وفعال وقابل للرقابة». وتلزم معاهدة «ستارت 1» موسكووواشنطن بتقليص الرؤوس النووية إلى 6000، ووسائل حملها الإستراتيجية إلى 1600عند كل بلد. وفي عام 2002 ، وقعت في موسكو معاهدة أخرى تهدف الى مواصلة تقليص القدرات الإستراتيجية الهجومية إلى حدود 1700 2200 رأس نووي قتالي لدى كل بلد حتى نهاية العام 2012. ويخوض البلدان مفاوضات من أجل التوصل إلى صوغ معاهدة جديدة تحل مكان «ستارت 1» التي تنتهي مدة سريانها في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وتأمل موسكو في أن يتم وضع مسودة للمعاهدة الجديدة قبل حلول موعد القمة الروسية –الأميركية التي تعقد في السادس من الشهر المقبل في موسكو، علماً بأن أوباما كان إستهل عهده بإقتراح لإعادة إطلاق العلاقات مع موسكو وأعلن عن مبادرة لتقليص حاد على الترسانتين النوويتين الأضخم في العالم. ونص إقتراح أوباما على خفض الرؤوس النووية إلى نحو 1000 رأس عند كل بلد. ويعد حديث مدفيديف أمس، أول إشارة روسية مباشرة إلى إستعداد موسكو للموافقة على المبادرة الأميركية. وأوضح مدفيديف أن المطلوب روسياً هو تضمين المعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الهجومية الإستراتيجية بنوداً واضحة تربط بين مسألتي الأسلحة الهجومية والدفاعية. وزاد أن موسكو «لا يمكن أن تتفق مع خطط واشنطن لنشر منظومات الدفاع الجوية العالمية وينبغي أن تتضمن الوثيقة الجاري العمل لصياغتها بنداً واضحاً في شأن هذا الربط». وبذلك تكون روسيا وضعت شرطاً إضافياً من أجل توقيع معاهدة جديدة، علما بأن الروس يصرون أيضا على تضمين «ستارت 2» بنودا تلزم البلدين بتقليص قدراتهما الإستراتيجية كلها بدلاً من الإكتفاء بتقليص الرؤوس النووية فقط. وأيضا تسعى موسكو إلى تضمين المعاهدة حظراً على نشر الأسلحة خارج أراضي البلدين، وكذلك على أسلحة ضاربة في الفضاء. إلى ذلك قالت ناتاليا تيموكوفا، السكرتيرة الصحافية للرئيس الروسي، أن الطرفين يعملان حالياً على إنجاز مسودة وثيقة تعاون بين روسيا والولايات المتحدة في مجال الأسلحة الاستراتيجية، قبل زيارة أوباما إلى روسيا.