تناقش القمة العربية الحادية والعشرون، التي تلتئم في الدوحة غداً وبعد غد، برئاسة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، 25 بنداً على رأسها الأمن القومي العربي والقضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي ومستجداته ودعم موازنة السلطة وصمود الشعب الفلسطيني والجولان السوري المحتل والتضامن مع لبنان ودعمه. وانتهى مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية من مناقشة جدول أعمال القمة ومشاريع القرارات تمهيداً لرفعها إلى القادة العرب، إذ كان هناك إجماع على غالبيتها، باستثناء الموقف من مبادرة السلام العربية من ناحية بقائها على الطاولة، أو اتخاذ موقف جديد منها لدفع إسرائيل والمجتمع الدولي إلى التجاوب معها. وخلص الوزراء إلى أهمية استمرار بقائها كأساس وحيد لحل النزاع العربي الإسرائيلي، وتبنت هذا الموقف المملكة العربية السعودية ومصر، وعارضته قطر وسورية، لكن في النهاية تم الاتفاق على التمسك بها. وصدر قرار منفصل تناول الرئيس السوداني عمر البشير وأزمته مع المحكمة الجنائية الدولية، يؤكد التضامن مع السودان والبشير في أزمته، ومع السودان في مواجهة أي مخططات تستهدف النيل من سيادته ووحدته واستقراره، معرباً عن الأسف لعدم تمكن مجلس الأمن من استخدام المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لتأجيل تنفيذ قرار المحكمة بتوقيف البشير. وشدد القرار على حصانة رؤساء الدول، وطلب من مجلس الأمن تحمل مسؤولياته في حفظ السلام الأهلي والاستقرار في السودان. وأعاد مشروع قرار يخص القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي وتفعيل مبادرة السلام العربية التأكيد على أن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي وأن عملية السلام عملية شاملة لا يمكن تجزئتها، وأن السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط لا يتحقق إلا من خلال الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية والفلسطينيةالمحتلة حتى خطط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، والأراضي التي لا تزال محتلة في لبنان، والتوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار رقم 194 للجمعية العامة لسنة 1948. ورفض مشروع القرار أشكال التوطين كافة وطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدسالشرقية وفق ما جاء في مبادرة السلام العربية، وأكد أن دولة فلسطين شريك كامل في عملية السلام، وضرورة استمرار دعم منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات الجارية حول الوضع النهائي، والتأكيد أن الضفة الغربيةوالقدسوغزة وحدة جغرافية لا تتجزأ لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967. وفيما يخص مبادرة السلام العربية، تم التأكيد على أهمية الدور الذي تقوم به لجنة مبادرة السلام، وأهمية استمرار جهودها طبقاً لخطة التحرك والإطار السياسي، والالتزام العربي بمبادرة السلام كأساس لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي «وأنها لن تبقى مطروحة إلى الأبد». ودعا الأطراف الأميركية والأوروبية والدولية كافة التي شاركت في مؤتمر أنابوليس ومؤتمري باريس وبرلين إلى تحمل مسؤولياتها للدفع بجهود السلام والزام إسرائيل بوقف الاستيطان فوراً. وحمل الوزراء إسرائيل المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية عن الجرائم التي ارتكبت خلال العدوان على غزة، وطلبوا من مؤسسات الأممالمتحدة ذات العلاقة التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة وملاحقة المسؤولين عن تلك الجرائم وإحالتهم إلى المحاكم الدولية. وطالبوا المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لرفع الحصار وفتح المعابر وفق الآلية المقترحة في المبادرة المصرية التي تشكل الأرضية المناسبة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1860. وشدد المجلس على احترام الشرعية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس واحترام المؤسسات الشرعية الفلسطينية المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية. وطالب المؤسسات الدولية بالالتزام بما اتفق عليه في مؤتمر شرم الشيخ الخاص بإعادة إعمار غزة والإسراع بالايفاء بالالتزامات والتعهدات من أجل البدء في إعادة الإعمار تحت إشراف ومسؤولية السلطة الفلسطينية، والضغط على إسرائيل للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين البالغ عددهم 11 ألفاً بمن فيهم القيادات السياسية والتشريعية، ومطالبة مجلس الأمن الدولي تحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وإرسال مراقبين دوليين وقوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني من المجازر والعدوان. وفيما يخص دعم موازنة السلطة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني، وافق الوزراء على تقديم دعم إضافي من الدول العربية بما لا يقل عن 500 مليون دولار لدعم موازنة السلطة الفلسطينية لتمكينها من مواجهة الحاجات الإنسانية والصحية الطارئة نتيجة العدوان الإسرائيلي. وأيدت مشاريع القرارات «الجهود الحميدة» التي تقوم بها مصر لإنجاز المصالحة الفلسطينية «لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وإعادة إعمار غزة». وفيما يخص الجولان السوري المحتل، جدد المجلس تأكيده على أن استمرار احتلال الجولان منذ عام 1967 يشكل تهديداً مستمراً للسلم والأمن في المنطقة والعالم، كما دان الممارسات الإسرائيلية في الجولان. وأكدت القرارت التضامن العربي الكامل مع سورية ولبنان والوقوف معهما في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضدهما، كما شدد دعمه لصمود المواطنين العرب السوريين في الجولان. وفيما يتعلق بالتضامن مع لبنان، دان المجلس الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية لقرار مجلس الأمن رقم 1701 وتحميل إسرائيل مسؤولية هذه الانتهاكات، ودعم جهود الحكومة اللبنانية في ترسيخ الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي وفي مكافحة الإرهاب. ورحب بانطلاق عمل المحكمة ذات الطابع الدولي للكشف عن الحقيقة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ورفاقه، والتأكيد مجدداً على الثقة في عمل المحكمة، بعيداً عن الانقسام والتسييس وبما يضمن إحقاق العدالة وحماية اللبنانيين من الاعتداءات وترسيخ الأمن في لبنان. وعن العراق، أكدت مشاريع القرارات احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق ورفض أي دعاوى لتقسيمه مع التأكيد على عدم التدخل في شؤونه الداخلية، كما تم التأكيد على دور دول الجوار في القيام بدور فاعل لمساعدة العراق في تعزيز الأمن والاستقرار، ورحب وزراء الخارجية العرب بتوقيع اتفاقية انسحاب القوات الأميركية بنهاية عام 2011. وحذر من خطورة تفاقم أزمة المهجرين العراقيين في الدول العربية المضيفة ودعوة الدول العربية الإسراع في تقديم المساعدات العاجلة في حساب الجامعة العربية لدعم المهجرين العراقيين. وفي قضية جزر الإمارات العربية التي تحتلها إيران، أكدت القرارات حق دولة الإمارات المطلق في السيادة الكاملة على الجزر الثلاث واستنكر استمرار إيران في تكريس احتلالها للجزر وانتهاك سيادة الإمارات بما يزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة. كما دان قيام إيران ببناء منشآت لتوطين الإيرانيين في هذه الجزر أو إجراء مناورات عسكرية فيها. وتم حض إيران على إنهاء هذا الاحتلال وإعادة النظر في موقفها الرافض لإيجاد حل سلمي لقضية الجزر وأن تترجم إيران ما تعلنه من رغبة في تحسين العلاقات مع الدول العربية. ودان التصريحات والمزاعم الصادرة عن بعض المسؤولين الإيرانيين والتي تمس سيادة واستقلال مملكة البحرين، وتدارس المجلس هذا الموضوع بناء على طلب رسمي من البحرين، وأخذ المجلس علماً باللقاءات الأخيرة بين المسؤولين في البلدين. وفيما يخص معالجة الأضرار والإجراءات المترتبة عن النزاع حول لوكربي، أكدت القرارات حق ليبيا المشروع في الحصول على تعويضات عن الأضرار التي أصابتها بسبب العقوبات وتأكيد المطالبة بالإفراج عن المواطن الليبي عبدالباسط المقرحي. كما أكد رفضه للعقوبات الأميركية المفروضة على سورية ورفض قانون ما يسمي «محاسبة سورية» واعتباره تجاوزاً للقانون الدولي وتغليباً للقوانين الأميركية على القوانين الدولية. وشدد المجلس أيضاً رفضه للحصار الأميركي الجائر على سورية بخصوص شراء أو استئجار الطائرات وأكد حق سورية والسودان في تطوير أسطولهما الجوي. وفيما يخص الصومال، رحبت القرارات بتوجهات الرئيس الصومالي الجديد الشيخ شريف شيخ أحمد لتفعيل المصالحة وإدانة أي عمليات تستهدف عرقلة مسيرة المصالحة الصومالية الشاملة، وقرر المجلس دعم بعثة الاتحاد الافريقي في الصومال وإدانة أي عمليات عسكرية تستهدفها، ودعم طلب الاتحاد الافريقي نشر قوات الأممالمتحدة لتحل محل القوة الافريقية. ورتم الترحيب بمشاركة الإمارات وجيبوتي والسعودية ومصر وسلطنة عمان واليمن ومجموعة الاتصال الدولية المعنية في مواجهة عمليات القرصنة والسطو المسلح قبالة السواحل الصومالية، ورفض أي محاولات تستهدف تدويل منطقة البحر الأحمر وتعزيز التعاون العربي لتحقيق الأمن في البحر الأحمر وخليج عدن. وفيما يخص الوضع المتوتر على الحدود الجيبوتية - الاريترية في منطقة رأس دوميرا الجيبوتية، طالب المجلس اريتريا بسحب قواتها من هذه المنطقة تمهيداً لحوار ثنائي مباشر أو عبر طرف ثالث يرضى به الجانبان بغية إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 4 شباط (فبراير) 2008، وشدد المجلس على ضرورة احترام سيادة جيبوتي، ورحب بقرار جيبوتي سحب قواتها إلى مواقعها السابقة استجابة لقرار مجلس الأمن رقم 1862 في كانون الثاني (يناير) 2009. وحذر من مخاطر السلاح النووي الإسرائيلي وأسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية الأخرى على السلم والأمن القومي العربي، وطلب من السفراء العرب في النمسا متابعة موضوع استخدام إسرائيل اليورانيوم المنضب في عدوانها على غزة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.