شدّدت دراسات علمية أُجريت في أوروبا أخيراً على أهمية تخفيض الكولسترول المُضرّ أكثر من المستوى الذي يعتبر مقبولاً حاضراً، بهدف مقاومة أمراض القلب والأوعية الدمويّة. ونبّهت هذه الدراسات الى أن زيادة المعدّل العام للأعمار في مجتمعات مختلفة فاقم في انتشار أمراض القلب والشرايين، التي ما فتئت تتصاعد في المجتمعات الحديثة منذ أواسط القرن الماضي. وفي هذا السياق، أصدرت «الجمعيّة الأوروبيّة لأمراض القلب» European Society for Heart Diseases، و «الجمعيّة الأوروبيّة لتصلّب الشرايين» European Society for Atherosclerosis، إرشادات جديدة دعت الرّجال فوق عمر الأربعين والنساء فوق سنّ الخمسين، إلى التشدّد في تخفيض مستوى الكولسترول لديهم. وبيّنت الجمعيتان الأوروبيتان أن الأشخاص المنتمين إلى الفئات الأكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، عليهم أن يخفضوا الكولسترول لديهم ليصبح أقل من ثلثي المعدلات المعتبرة طبيعية راهناً. وأشارت الجمعيتان إلى أن عوامل الخطر للإصابة بأمراض القلب تتضمن معاناة مرض السّكري، ووجود تاريخ طبيّ عائلي لإصابة بأمراض القلب أو مرض الكلي المزمن، وإنخفاض مستوى الدهون العالية الكثافة High Density Lipoprotein («أتش دي آل» HDL). وبيّنت دراسة أوروبية واسعة النطاق، حملت اسم «جوبيتر»، أنّه يمكن التوصّل إلى خفض نسبة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدّموية للرجال فوق سنّ الخمسين والنساء فوق عمر الستّين عبر إجراءات وقائية تتضمن الإقلاع عن التدخين وضبط الوزن ومستوى السكر وضغط الدم وخفض مستوى الكولسترول إلى ما دون المستويات المعتبرة طبيعية. وبحسب الدراسات الأوروبية المذكورة، يؤدي تخفيض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة إلى تقليص إمكان التعرّض للسكتة الدماغية بنسبة 48 في المئة، والذبحة القلبيّة بنسبة 54 في المئة. ويُذكر أن تقريراً صدر عن «منظّمة الصّحة العالمية» عام 2003، أشار إلى وجود رابط بين 16.7 مليون حالة وفاة (ما يساوي 29.2 في المئة من الوفيات عالمياً)، وأشكال مختلفة من أمراض القلب والأوعية الدّموية. وأوضح أنّ الأمراض التي تصيب القلب وجهاز الدورة الدمويّة تفرض أعباء لا يُستهان بها على النُظُم الصّحية، مُبيّناً أنها تصل إلى قرابة 10 في المئة من التكاليف المخصّصة للرعاية الصحيّة في دول الاتحاد الأوروبي. ونبّه التقرير أيضاً إلى أن أمراض شرايين القلب تعتبر سبباً رئيسياً للإعاقة المبكرة والدائمة على مستوى اليد العاملة، وأنه في بلد مثل الولاياتالمتحدة، قدّرت التكاليف المباشرة وغير المباشرة الناتجة من أمراض القلب والأوعية الدموية بقرابة 475 بليون دولار عام 2008. وعلّق البروفسور فادي حدّاد، رئيس «الجمعيّة اللّبنانيّة للطبّ الداخليّ» على هذه الدراسات بالإشارة الى أهميتها علمياً، مُبيّناً أن عوامل الخطورة المتصلة بالإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية تتضمّن أيضاً التّدخين، ومرض الإرتفاع في ضغط الدّم، والسمنة المُفرطة. معلومات أساسية عن الكولسترول معلوم أن الكولسترول مادة دهنية موجودة في الدم وخلايا الجسم كافة. ويعتبر عنصراً بنيوياً أساسياً في أغشية الخلايا، وأداة ضرورية لإنتاج بعض الفيتامينات الأساسية. وعلى رغم أن جسم الإنسان يصنع الكولسترول بحسب حاجته، فإن بعض الأطعمة، خصوصاً تلك الغنية بالدهون الحيوانية المشبعة، قد تساهم في ارتفاع مستوى الكولسترول في الدم. ويمثّل هذا الأرتفاع خطورة لأن كثيراً من أمراض القلب والأوعية الدموية تنجم عن تراكم الدهون والكولسترول وغيرها، على الجدران الداخلية للشرايين، متسببة في تضييقها وأحياناً إنسدادها كلياً. وتحدث الأزمة القلبية عندما تكوّن تجلطات دموية، تمنع وصول الدم إلى عضلة القلب، فيما تنجم السكتات الدماغية عن جلطة تسد أحد شرايين الدماغ. وتساهم بعض العوامل العامة مثل عدم التدخين والوزن الملائم وممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي قليل الدهون، في تخفيض مستويات الكولسترول المتدنية الكثافة Low Density Lipoprotein («ال دي آل» LDL). وإضافة إلى ذلك، يُساهم عدد من الأدوية المعروفة باسم «ستاتينز» Statins في خفض مستويات الكولسترول المُضرّ، خصوصاً لدى المرضى الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بإرتفاع في الكولسترول، وكذلك الحال بالنسبة للأشخاص الذين تتوافر لديهم عناصر الخطورة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.