توفي شاب في ال26 من العمر بتأثير إصابته بطلقات نارية خلال أعمال العنف المتواصلة منذ 3 أيام في لندن بين آلاف المشاغبين والشرطة المزودة مدرعات، وبات أول قتيل منذ بدء في هذه الاضطرابات التي حتمت دعوة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون البرلمان الى قطع عطلته الصيفية وعقد اجتماع استثنائي غداً، مع تأكيده انه «سيفعل ما في وسعه» لإعادة الأمن. وأوضحت الشرطة أنها عثرت على القتيل الذي لم تكشف هويته أول من أمس في سيارة بحي كرويدون جنوبلندن، حيث أحرقت مبانٍ خلال أعمال العنف وأجلي سكان بسبب امتداد الحرائق، ثم نقلته الى المستشفى في حالة حرجة»، مشيرة الى اعتقال شابين تواجدا في المكان وفي حوزتهما أغراض مسروقة. تزامن ذلك مع إعلان كامرون، بعد ترؤسه اجتماع أزمة في «داونينغ ستريت» اثر قطعه إجازته في مدينة توسكانا الإيطالية وعودته الى بريطانيا، رفع عدد عناصر الشرطة في لندن من 6 آلاف الى 16 ألفاً، مع التركيز على منطقة هاكني، حيث أحرقت مبانٍ ومتاجر، علماً أنها تبعد بضعة كيلومترات فقط عن موقع تنظيم دورة الألعاب الأولمبية لعام 2012. وشملت الحرائق الضخمة أيضاً متاجر «دبنهامز» في كلابهام والتي اقتحمها شبان، ومطعم «ليدبري» الفخم في نوتينغ هيل الذي سرقت محتوياته. ودان كامرون «الصور المروعة» التي بثتها شاشات التلفزيون، وقال: «هذا عمل إجرامي صرف، إذ شاهدنا أعمال نهب وسرقة وتخريب ومهاجمة شبان عناصر الشرطة وحتى رجال إطفاء حاولوا إخماد الحرائق». وزاد: «يجب أن يدرك الشعب أننا نبذل كل ما في وسعنا لاستتباب الأمن في الشوارع، وجعلها أكثر أماناً لأولئك الذين يحترمون القانون»، علماً أنه أجرى محادثات مع وزيرة الداخلية تريزا ماي وقائد شرطة لندن، تيم غودوين الذي صرح أمام مقر «سكوتلاند يارد»: «تحدث اضطرابات كبيرة في أحياء لندن، لذا نشرنا أعداداً كبيرة من الشرطة، لكنني أناشد الأهالي البدء بالاتصال بأبنائهم ومطالبتهم بالعودة الى منازلهم». وليل الاثنين – الثلثاء، امتدت رقعة أعمال العنف من توتنهام الى بريستول (جنوب غرب) وليفربول (شمال غرب) وبرمنغهام (وسط)، فيما ارتفع عدد المعتقلين الى 450 شخصاً بينهم ثلاثة أوقفوا بتهمة «محاولة القتل» بعدما جرحوا شرطيين اثنين كانا في سيارتهما. ووسط المخاوف الأمنية، اضطر الاتحاد الانكليزي لكرة القدم الى إلغاء مباراة ودية مقررة على استاد ويمبلي في لندن اليوم بين منتخبي إنكلترا وهولندا وذلك على رغم بيع 70 ألف تذكرة مخصصة لها. كما ألغى مباريات مقررة في وست هام وتشارلتون وكريستال بالاس ضمن كأس رابطة الأندية المحترفة. وتواجه قوات الأمن انتقادات بسبب عجزها عن احتواء أعمال العنف الأسوأ في العاصمة منذ أكثر من 20 سنة، علماً أن هيئة رقابة مستقلة على الشرطة باشرت التحقيق في تورط عناصر الأمن بمقتل مارك دوجان (29 سنة) الخميس الماضي، والذي أطلق شرارة الاضطرابات. وتتحدث معلومات عن أن دوجان استقل سيارة أجرة أوقفها ضباط مسلحون في إطار عملية معدة سلفاً في إطار حملة لضبط أسلحة، فيما تنتظر هيئة الرقابة المستقلة نتائج اختبارات جديدة للطب الشرعي من أجل معرفة الصورة الكاملة عن إطلاق النار الذي أدى إلى مقتله. وعزا معلقون أعمال الشغب الى تقليص الخدمات الاجتماعية بسبب سياسة التقشف الصارمة التي تطبقها الحكومة للحد من العجز الكبير في الموازنة، كما أن النمو الاقتصادي بطيء. ويعيش لصوص كثيرون في مناطق ترتفع فيها معدلات البطالة، وهم يقولون إنهم يشعرون بالتهميش داخل مجتمعهم. وقاوم كامرون أخيراً مطالب بإبطاء معدل خفض الإنفاق للحد من تأثيره على الخدمات المقدمة للشبان وميزات أخرى. ويرجح أن يتعرض لضغوط جديدة لمعالجة حرمان الأحياء الفقيرة في العاصمة. وقال مايك هاردي، المدير التنفيذي لمعهد «تماسك المجتمع» الذي يجري بحوثاً ويضع سياسات لدمج المجتمعات: لا يرتبط الشغب بالعرق أو العقيدة أو الطبقة، بل بمن يملك ومن لا يملك. الأمر يتعلق بالمهمشين». ويحصل نحو 6 آلاف شخص في توتنهام أو نسبة 8 في المئة من البالغين على إعانات بطالة، أي أكثر من ضعف المتوسط في بريطانيا. ونحو خمس من يحصلون على هذه الإعانات دون سن ال 24. وأشار هاردي الى أن ارتفاع معدلات البطالة إلى جانب خفض «أدوات الدمج»، مثل الرياضة والمجموعات الاجتماعية، خلقت بيئة يشعر فيها السكان بأنهم غرباء داخل مجتمعاتهم، ومنعزلون عن أي كيانات رسمية».