قبل أيام قليلة فاجأ الواعظ السعودي محمد العريفي مشاهدي قناة دبي الفضائية بهجومه على فريق عمل مسلسل «طاش 18» مطالباً الناس بمقاطعته ومقاطعة القناة التي تبثه «قناة mbc» واصفاً إياه بالمسلسل المحارب للفضيلة بناء على مقاطع شاهدها في موقع «يوتيوب»، وبعيداً عن مقاييس العريفي للفضيلة، هناك انتقاد كبير يوجه لقناة دبي التي اخترقت مواثيق المهنة بسماحها بالدعوة عبر شاشتها لمقاطعة قناة منافسة، ضاربة بالمنافسة الشريفة عرض الحائط، وهو أمر ليس بمعتاد على القنوات شبه الرسمية في دولة الإمارات التي اتبعت منذ سنوات منهجاً رصيناً في المنافسة، ولم تنزلق خلف أساليب قنوات «الهشك بشك» في ضرب المنافسين، حتى ظهور برنامج العريفي فيها. إن المشكلة هنا ليست مشكلة الهجوم على فريق مسلسل «طاش» وتجريمه دينياً؛ فهذه شنشنة اعتاد عليها المسلسل منذ التسعينات من قِبَل من ينتقدهم ولم تقدم أو تؤخر شيئاً في مسيرته، لكن ما استجد (وهو المشكلة الحقيقة) استخدام الفضائيات الرصينة للدين وسيلةً لضرب منافسيها، وهي حلقة جديدة في مسلسل استغلال الدين وسلوك لا بد من تجريمه مهنياً وأخلاقياً، ويعلم القائمون على قناة دبي أن جميع البرامج التي يقدمونها لا تصمد بأي حال من الأحوال أمام جماهيرية القناة التي استهدفها العريفي ولو أنها مارست السلوك نفسه فسيحسب من باب «الدعاية» لقناة دبي لا العكس! أما العريفي فليست دعوات مقاطعة القنوات بجديدة عليه، فسبق أن حارب قبل سنوات إحدى القنوات اللبنانية بسبب عرضها برنامجاً جماهيرياً من «برامج الواقع» وشنع بها تشنيعاً ليس له مثيل، ثم لم يمر وقت طويل حتى تعاقد مع القناة نفسها لتقديم برنامج عبر شاشتها، وهو - والحق يقال - ليس أول من سلك هذه المنهج، فهناك من أصدر في التسعينات أشرطة كاسيت ملأها ببكائه وصراخه مما وصفه بالفسق والإفساد الممارس في إحدى القنوات مطالباً أتباعه بإنكار ذلك بالوسائل المتاحة لهم كافة، ثم مرت السنوات وخرج على القناة نفسها ببرنامج ظل متشبثاً به بيديه وأسنانه حتى قيل إنه أبعد عنه بالقوة، ثم خرج عبر الشبكات الاجتماعية ومواقع الانترنت مؤكداً أن القناة أوقفت برنامجه وكأنها ارتكبت جريمة حينما قررت ذلك. إن حب الأضواء وملاحقتها عبر وسائل الإعلام يصل بصاحبه غالباً إلى حالة من الإدمان المرضي ويدفع كثيراً من نجوم الفضائيات إلى اتباع أساليب غير أخلاقية أحياناً للفت الانتباه إليهم وإلى برامجهم وهذا ما يجب أن تقف في وجهه القنوات الرصينة بكل صرامة، فالمشاهد العربي اليوم ليس بالسذاجة التي قد يتصورها بعض منتجي البرامج الباحثة عن أموال المعلنين، خصوصاً أنه جرب كافة عمليات الاستغفال والاستغلال طوال السنوات الماضية، وليس أدل على ذلك من إفلاس كثير من الدكاكين الفضائية التي كانت تعتمد في سنوات سابقة على أرباح الرسائل النصية عبر اشرطتها السفلية، ثم برامج الواقع والمسابقات الشعرية التي لم تعد تجد متابعاً في عام 2011. فهذا المشاهد يدرك جيداً أن دعوة العريفي عبر برنامج في قناة دبي لمقاطعة مسلسل في قناة mbc ليست سوى فذلكة فضائية وسيُفسرها حتماً بأنها عملية قنص للمشاهدين بسلاح «الدين» على نهج المثل الشعبي المعروف «الدين طير حر من شبكه صاد به»، وهذا أمر معيب في حق القناة الإماراتية التي يجدر بالقائمين عليها أن يسألوا أنفسهم بكل صدق وتجرد: «ماذا يفعل العريفي في دبي»؟! [email protected]