ثمة تناغم طريف بين الكرة الأرضية وسكانها، إذ يعاني البشر من انتشار البدانة على نحو يوصف أحياناً بأنه وبائي، بل ان مجلة «نيوإنغلند جورنال أوف ميدسن»، نشرت بحثاً حديثاً يؤكد أن الجيل المقبل في الولاياتالمتحدة يحظى بمعدل متوقع للعمر أقل من الجيل الحاضر! وشدّدت المجلة العلمية الشهيرة على أن هذا الأمر يحدث للمرة الأولى في التاريخ الحديث (ما يشبه خفض التصنيف الائتماني لأميركا أيضاً)، بسبب عوامل متنوّعة، في مقدمها الانتشار السريع لظاهرة البدانة المفرطة بين الأجيال الصاعدة في الولاياتالمتحدة. ويبدو أن الكرة الأرضية «تُقلّد» الجيل الأميركي الناشئ، إذ تعاني «بدانة» من نوع خاص، بل إن لها كرشاً متكوراً في وسطها! فقد أشارت دراسة علمية أخيراً إلى أن الأرض تنتفخ عند وسطها نتيجة ذوبان الجليد في القطبين المتجمدين للأرض. والمعروف أن الأرض أصلاً ليست كروية تماماً، بل أنها «منبعجة» قليلاً عند قطبيها، ومتطاولة الشكل عند خط الاستواء. وبأثر من حقلها المغناطيسي ودورانها حول نفسها والشمس معاً، تميل المياه للتمركز أكثر عند خط الاستواء. وتفاقم هذا التمركز بسبب ذوبان الثلوج في القطبين تحت وطأة ظاهرة الاحتباس الحراري. وأشار ستيفن نيريم وهو متخصص في علم الفضاء بجامعة كولورادو شارك في الدراسة، إلى أن ذوبان الجليد في القطبين خفّف الضغط إلى الأسفل الذي كان يحدث بسبب ثقل هذه الثلوج. ومع انخفاض الضغط، حدث نوع من «الارتخاء» في وسط الأرض الذي أصبح مثل كرش في جسد بدين. وأوضح نيريم أن الأرض مثل الاسفنجة، وتحتاج إلى بعض الوقت لتعود إلى شكلها الأصلي. وبيّنت الدراسة أيضاً أن العلماء راقبوا هذا الانتفاخ منذ سنوات. ولاحظوا أن أمراً ما تغيّر أخيراً. ففي أواسط التسعينيات من القرن الماضي، تركّز الانتفاخ في وسط الأرض، لكن العلماء لم يعرفوا سبب هذه الظاهرة حينها. وعام 2002، أُطلِق قمران اصطناعيّان لجمع معلومات عن علاقة جاذبية الأرض ومناخها، ما سمح للعلماء باختبار نظرية عن العلاقة بين ذوبان جليد القطبين والتغيّر في شكل الكوكب الأزرق. والتقط هذان القمران صوراً لسطح الأرض كل ثلاثين يوماً. وتدريجاً، تجمعت معلومات تشير إلى أن ذوبان الجليد في القطبين المتجمدين للأرض، يعتبر المساهم الأكبر في زيادة حجم الأرض عند خط الاستواء، بفعل اتجاه معظم المياه نحو الوسط. وفي هذا السياق، ذكّر العلماء بأن قطبي الأرض يخسران 382 بليون طن من الجليد سنوياً، ما ساهم في حدوث انتفاخ عند وسطها بقرابة 71 سنتيمتراً كل عشر سنوات.