القاهرة - رويترز - يذهب كتاب توثيقي عن «شيخ الملحنين» زكريا أحمد، إلى أن له فضلاً لا ينكر في تجديد الموسيقى العربية في صورة تجعله «عبقرياً في مقاعد صنّاع تراث الإنسانية»، وإن لم يحظ بشهرة تليق بإنجازاته. ويقع كتاب «زكريا أحمد» في أكثر من 400 صفحة من القطع الكبير، وهو العمل الخامس ضمن «المشروع القومي للحفاظ على تراث الموسيقى العربية» وأنجز في الفترة الماضية أربعة أعمال عن كل من أم كلثوم وسيد درويش وسلامة حجازي ومحمد عبد الوهاب. والكتاب الذي أعدته إيزيس فتح الله، صدر عن «دار الشروق» في القاهرة، بالتعاون مع «مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي» بمكتبة الإسكندرية. وأورد مدير المركز فتحي صالح، في مقدمة الكتاب، إن لديه خطة لتوثيق التراث الموسيقي منذ نهاية القرن التاسع عشر وستشمل كتباً عن رياض السنباطي وفريد الأطرش وغيرهما. ويذكّر الكتاب بأن أحمد (1896-1961) درس في الأزهر، وكان أبوه يؤهله ليصبح من علماء الدين، لكنه مال إلى الإنشاد الديني وساعده حفظ القرآن على التمكن «من روح اللحن العربي»، وتعلم أصول الإيقاعات الموسيقية على يد الشيخ درويش الحريري «الذي كان حجة في الموسيقى العربية». وخاض أحمد تجربة التلحين للمسرح، للمرة الأولى العام 1916، ضمن عرض «فقراء نيويورك» الذي قدمته فرقة مسرحية من طلبة هواة ضمت الممثلين حسين رياض وحسن فايق. ثم عاد إلى تجربة التلحين المسرحي في 1924 في عرض «دولة الحظ» الذي قدمته فرقة علي الكسار بعد رحيل «فنان الشعب» سيد درويش. وكان آخر ألحانه للمسرح ضمن عرض «عزيزة ويونس» من تأليف محمود بيرم التونسي في 1945. ويسجل الكتاب أن شيخ الملحنين بدأ في 1923 «التلحين الدنيوي» بالأغاني الخفيفة، فمن ألحانه غنّت منيرة المهدية (1885-1965) «إرخي الستارة يللي في ريحنا» وغيرها من الأعمال التي «كانت سبباً في فرض الرقابة على الأغاني» نظراً لاعتبارها خادشة للذوق العام في تلك الفترة. ولازم لقب «شيخ الملحنين» زكريا أحمد حتى آخر حياته، على رغم تخليه عن زي المشايخ الذي ارتداه في بداية حياته الفنية، إلى أن سافر إلى باريس وعاد منها يعتمر الطربوش في 1932، بعد اشتراكه مغنياً وملحناً وممثلاً أمام الفنانة نادرة الملقبة ب «أميرة الطرب» في فيلم «أنشودة الفؤاد» الذي كتب حواره وأغنياته خليل مطران، وأخرجه الإيطالي ماريو فولبي. ويسجل الكتاب أن أحمد هو «أول من لحن للسينما المصرية في أول فيلم غنائي مصري»، وأدى في «أنشودة الفؤاد» دور الشرير الذي كان مقرراً للممثل استيفان روستي. ويستعرض الكتاب بعض أشكال التطوير اللحني لدى «شيخ الملحنين»، ومنها إدخال الجمل الكلامية في أثناء الغناء، لا سيما في «قوللي ولا تخبيش يا زين» التي غنتها أم كلثوم في فيلم «سلامة» (1945). ويضيف أنه استطاع «إحياء الكثير من الأوزان العربية غير المستخدمة في الألحان»، كما فعل في أغنية «بعد ما ضحيت حياتي في الغرام» التي أداها صالح عبد الحي في 1932، إضافة إلى تطوير الأغنية القصيرة، إذ أرشد كلاً من محمد القصبجي ورياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب إلى التحرر في معالجة هذا اللون في الأفلام والمسرحيات.