«جدولة الديون» تعني إعادة ترتيب، أو إعادة هيكلة لجدول السداد الأصلي بالنسبة لدين معين أو مجموعة من الديون، تتضمن عموماً مد أجل السداد. وإعادة الجدولة هي إحدى الخيارات القائمة أمام (بلد ما أو شخص ما) يعاني من مصاعب في خدمة ديونه الخارجية، أي في سداد أقساط الدين الأصلي والفوائد عند استحقاقها، وقد يعاني مصاعب في خدمة ديونه لعدد من الأسباب: أنه ربما يكون قد اتبع سياسات اقتصادية ويضعف قدرته على خدمة الدين، وربما يكون اقترض بإفراط وبصورة تتجاوز قدرته الجارية على خدمة الدين، أو يكون قد اقترض بشروط غير مواتية، أو ربما يتعرض الاقتصاد لأزمات غير متوقعة تؤدي إلى تغير في التقديرات المتوقعة لمداخيله. وقد تحمل بقدر أكبر مما يجب من القروض قصيرة الأجل، أو توصل إلى آجال استحقاق غير مواتية تؤدي إلى ارتفاع الأقساط المستحقة، ويكون تأثر تأثراً سلبياً بأحداث لا سيطرة له عليها. وفي الواقع العملي قد توجد عدة أسباب معاً وإن كان أحدها هو السائد، وأحياناً يميز الاقتصاديون والمصرفيون بين نوعين واسعين من مصاعب الدين، المصاعب التي ترجع إلى مشكلات السيولة، والتي تعرف بأنها العجز المؤقت في موارد العملات، والمصاعب التي ترجع إلى مشكلات القدرة على القضاء حيث تتجاوز التزامات خدمة الدين الطاقة الاقتصادية (للجهة المراد جدولة ديونها)، وفي الممارسة قد توجد عناصر من النوعين فقط ولابد إلا تدرس مشكلة خدمة الدين بمعزل وإنما في سياق تصحيح وضع ميزان المدفوعات. وبشكل عام توجد ثلاثة خيارات أمام الجهة التي تواجه مصاعب خدمة الدين. الأول: أنه يستطيع إيقاف سداد أقساط ديونه ومن ثم يراكم متأخرات خدمة الدين، إلا أن لمثل هذا الإجراء نواقصه، لأنه سيقوض الثقة فيه ويجعل من الصعب عليه أن لم يكن من المستحيل الاقتراض في المستقبل. وفضلاً عن ذلك فان هناك إمكان إعلان الإفلاس، وفي هذه الحالة تحجز الأصول وتصادر وتباع لسداد الدين. والخيار الثاني هو: أن يحاول البلد خدمة ديونه أياً كان الثمن، ولكنه قد يضطر من أجل ذلك إلى تقييد مصروفاته الأخرى. والخيار الثالث هو: السعي إلى إعادة جدولة ديونه بما يعني إعادة ترتيب شروط سداد الدين الأصلي، كما قد يسعى إلى إعادة التمويل، وهو أمر مختلف من الناحية التقنية. فهو يعني قرضاً جديداً متوسط الأجل تبلغ قيمته قيمة الدين المستحق، ويسدد مع حصيلة القرض. وقد لا تشتمل إعادة الجدولة سوى الدين الأصلي وحده. أو الدين الأصلي والفائدة على الأقساط المستخدمة في فترة معينة «سنة عادة». وقد يتضمن الدين المعادة جدولته فترة سماح وجدول أقساط. وعلى سبيل المثال: إذا كانت الأقساط المستحقة في 1983 تبلغ 100 مليون دولار، ونجح في ترتيب إعادة جدولة بفترة سماح تبلغ ثلاث سنوات، وفترة سداد تبلغ خمس سنوات، فإن هذا يعني أن الأقساط المستحقة في 1983 تمدد في فترة 1986 1990. ومن ثم فإن إعادة الجدولة ليست مجرد تأجيل للدين وإنما هي توزيع للأقساط التي كانت مستحقة في سنة ما على عدة سنوات، وبالطبع فإن هذا يتضمن كلفة من حيث أن المدين لابد أن يدفع فائدة عن المبلغ القائم، إلى أن يسدد الدين نهائياً بالكامل، ومبرر إعادة الجدولة هو إتاحة الوقت، ففي الحالات التي تكون فيها مشكلة الدين راجعة إلى نقص مؤقت في العملات (السيولة) توفر إعادة الجدولة الوقت لكي يتحسن ميزان المدفوعات. ومن المهم في هذه الحال إدراك أن إعادة الجدولة ليست بلسماً، وأنها لا يمكن أن تعمل وحدها إذ لا يمكن أن تنجح إلا إذا صاحبتها خطوات للتصدي للمشكلات الاقتصادية الكافية.