على رغم حال الركود التي تعانيها صناعة السينما العربية بفعل ما تشهده الدول العربية من عدم الاستقرار السياسي، استطاعت مصر كسر هذه الحال من خلال عدد من التجارب الجادة والمهمة في مجال الأفلام الديجيتال، والتي رصد فيها الثوار الشباب الكثير من الأحداث المهمة وقاموا ببلورتها وصياغتها تقنياً وفنياً. وفي هذا الإطار،افتتح عميد كلية الفنون الجميلة في جامعة الإسكندرية الدكتور هشام سعودي، والمخرج خالد المهدي والفنان عمرو القاضي، عروضَ أول فيلم مصري ثلاثي الأبعاد (ديجيتال) وعنوانه “آخر أيام الأرض”، وذلك في مقر كلية الفنون الجميلة في الإسكندرية. يأتي هذا الافتتاح بعد انتهاء ورشة العمل التي أعدها أستاذ الفنون الجميلة في جامعة الإسكندرية الدكتور أحمد بركات، واشترك فيها مئة من طلبة الكلية لتحويل الفيلم الصوتي إلى فيلم ثلاثي الأبعاد. وأكد بركات أن الفيلم يعد محاولة جادة للتطرق إلى مجال إنتاج الأفلام الثلاثية الأبعاد، التي انتشرت في السينما العالمية، موضحاً أن الشباب قاموا بتصميم الشخصيات المختلفة وتصميم الأزياء الخاصة بكل شخصية، والخلفيات المعمارية وديكورات المباني، وحققوا الإخراج الفني للفيلم ليخرج بشكل مختلف وجديد. ويعتبر الفيلم من التجارب المهمة في صناعة السينما العربية تقنياً وفنياً. وتعد فكرة إنتاج فيلم مصري ثلاثي الأبعاد فكرة حديثة نسبياً لم يتطرق لها الكثيرون، إذ استطاعت الأفلام الديجيتال، والتي يطلق عليها السينما المستقلة، أن تقفز قفزة مدهشة عقب الثورات العربية، التي فتحت المجال أمام أعداد متزايدة من المخرجين والمخرجات من جيل الشباب المثقف لإظهار إبداعاتهم وطروحاتهم الفكرية وتضمينها عواطفهم وأفكارهم ورؤاهم الفنية، وإسقاطاتهم وتوجهاتهم السياسية. واستطاع العديد منهم صنع أفلام ذات سوية فنية وتقنية جيدة وعمق فكري، كما طرحت بعض الأفلام قضايا راهنة لفتت النظر إليها وأثارت اهتمام العالم بها. و «آخر أيام الأرض» فيلم درامي يتحدث عن الأحداث الأخيرة في حياة البشرية... إذ يرسم الفيلم من البداية صورة مستندة إلى التصور الديني لنهاية العالم، حيث يروي قصة آخر 40 يوماً من عمر البشرية تحفل بالأحداث المصيرية، وفي مقدمها المعركة الفاصلة بين معسكر الشر ممثلاً في شخص «المسيح الدجال» وجيشه، وبين قوى الخير ممثلة في البقية الباقية من المؤمنين، وهي المعركة التي تنتهى بنزول السيد المسيح إلى الأرض. الفيلم تجربة فريدة من نوعها، حيث لجأ صناع الفيلم إلى إخراجه ليكون مسموعاً... وليس مرئياً، فتعيش مع المؤثرات الصوتية المدهشة التي تأخذك لتكون جزءاً من أحداث الفيلم، فتشعر وكأن الأحداث تجري من حولك... هذا بالإضافة إلى الإخراج، الذي يمكِّنك من رؤية تعبيرات الممثلين في صوتهم. هنا للمرة الأولى يكون الجمهور هو البطل الحقيقي لعمل درامي، إذ لجأ صنّاع الفيلم إلى هذا الأسلوب المشوق رغبة منهم في عدم الحد من خيال الجمهور، بل على العكس، إطلاقه إلى أقصى درجة ممكنة. الفيلم بطولة حنان ترك وخالد صالح وهاني عادل وعمرو القاضي وياسر فرج وتامر يسري ومن تأليف وإخراج خالد المهدي، وقد تم ترشيح الفيلم لعدد من المهرجانات هذا العام.