يفوق الأطفال العاملون في العالم ثلث سكان الدول العربية من حيث العدد، إذ يبلغون وفق آخر إحصاء للأمم المتحدة، 168 مليون طفل، فيما يبلغ عدد سكان الدول العربية قاطبة نحو 379 مليون عربي. مأساة ربما يتذكرها المجتمع الدولي مرتدياً قناعاً من الألم في ال 12 من حزيران (يونيو) من كل عام. بيد ان السعودية، وقبل دعوة الأممالمتحدة دولها الأعضاء للتوقيع على اتفاق حقوق الطفل إجمالاً في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 1989، أصدرت تشريعات عدة تقضي بحماية الطفل في مجتمعها، وتجريم كل من ينتهك هذه الحماية بمواد واضحة في قانونها، إلزامية في قضائها تندرج بباب: «القوانين الجزائية في لائحة الاستيقاف، ولائحة دور الأحداث الصادرة في 1975»، والتي سبقت الاتفاق الدولي بحوالى 14 عاماً كاملة. النظام السعودي عرّف الطفل أو الحدث بأنه «كل إنسان لم يبلغ ال18 من العمر»، وهو التعريف ذاته الذي قدمته الأممالمتحدة في بنود اتفاقها الذي ينص على أن الطفل «كل إنسان لم يتجاوز ال18 من عمره، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه». إلا أن الرياض اشترطت لانضمامها إلى اتفاق الأممالمتحدة في 11 آب (أغسطس) 1995، أن يظل لها الحق في التحفظ على بنود الاتفاق التي ترى أنها تتعارض وأصول الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس لتشريعاتها، وهو ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، فأودعت المملكة وثيقة انضمامها إلى الأممالمتحدة في 26 كانون الثاني (يناير) 1996، وأصبحت ملزمة بهذا الاتفاق في 25 شباط (فبراير) 1996. المقارنة بين ما وضعته السعودية في قانونها لحماية حقوق الطفل لديها، وبين الاتفاق الدولي للأمم المتحدة في هذا الجانب، يصب في مصلحة الأولى، إذ إنها التزمت في مضمون موادها بتعاليم الدين الإسلامي من حيث «سن التكليف، وإلزامية التعليم، والتدريب على العبادات، والتعامل مع الآخرين، وتعريف الطفل بالحدود والواجبات»، بل إن القانون السعودي فرض على الوالدين حقاً أصيلاً لأبنائهما في «الرضاعة والحضانة، والولاية، والنفقة، وحسن اختيار الاسم». وشدد النظام السعودي في مواده على أهمية تكوين الأسرة، مرتكزاً في ذلك على محاور أربعة هي «وحدة الأصل، والمودة والرحمة، والتكافل الاجتماعي، والعدل والمساواة»، تمثل معادلة يستقيم فيها حال الأسرة، وهو ما ينعكس بالتبعية على الأبناء. الالتزام السعودي، تلاه التزام خليجي، وهو ما يؤكده الأمين العام المساعد للشؤون القانونية بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية السفير حمد المري، بقوله: «إن دول المجلس انضمت للعديد من الاتفاقات الدولية التي تجرم عمل الأطفال، ومنها اتفاق حقوق الطفل، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، واتفاق الحد الأدنى للسن». وقال لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال: «إن دول مجلس التعاون تحرص كل الحرص على خدمة شعوبها، وتسعى إلى تحقيق كل تطلعاتها، وكل ما يسهم في تحقيق حياة كريمة ومستقرة للمواطن، إضافة إلى أنها اهتمت بالتعليم، فهو حق أساسي لجميع الأطفال في الخليج»، عادّاً إلغاء حوافز العمل للأطفال «عنصراً أساسياً لدفعهم للذهاب إلى المدرسة»، إضافة إلى برامج التعليم الميسرة والملائمة للطفل. وشدد المري، على أن دول المجلس حرصت على تضمين تشريعاتها الوطنية النصوص التي تضمن كفالة الأسرة والأمومة والطفولة، موضحاً أن «الشريعة الإسلامية اهتمت بالإنسان اهتماماً بالغاً، وذلك في الاهتمام بكل مراحل حياته، إذ اهتمَّ الإسلام بالإنسان جنيناً ورضيعاً وصبياً وشاباًّ ورجلاً وشيخاً». وأكد أن «الاهتمام بالإنسان في كل مراحل حياته وعمره من المعالم والسمات البارزة في أحكام الإسلام، وتشريعاته ونظمه»، مشيراً إلى أن «الطفل في الإسلام وديعة أودعها الله الأبوين، لذا على الأبوين أن يقوما بما يحفظ عليه سلامته وأمنه، لأنه أمانة عندهما». .... حملة إعلامية دولية حتى 2016 أوضحت منظمة العمل الدولية، في بيان لها لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، أن أحدث التقديرات العالمية لمنظمة العمل الدولية أشارت إلى أن إجمالي الأطفال العاملين تراجع من 215 إلى 168 مليون طفل بين عامي 2008 و2012. وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية غاي رايدر: «لا يخفى على أحد ما ينبغي عمله، فالحماية الاجتماعية، والتعليم الإلزامي الجيد والشامل والرسمي والمستمر على الأقل حتى السن الأدنى للعمل، والعمل اللائق للبالغين والشباب في سن العمل، والقوانين الفعالة، والحوار الاجتماعي القوي، تمثل معاً المعالجة الصائبة لعمل الأطفال». ودعا رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة جون آش، الدول الأعضاء إلى الاعتراف بأن «الحماية الاجتماعية حق أساسي للقضاء على عمالة الأطفال». وقال آش «يجب أن نعمل لضمان حصول الأطفال على الموارد الأساسية بما في ذلك التغذية والصحة والتعليم، بحيث يدركون إمكاناتهم الكاملة». وأشار البيان إلى أن أكثر من 45 دولة تشترك في أنشطة اليوم العالمي في جنيف، وفي الهيئات المكونة لمنظمة العمل الدولية، والأطفال والشركاء في الحركة العالمية ضد عمل الأطفال. وتتضمن هذه الأنشطة اجتماعات رفيعة المستوى، واجتماعات عامة، وفعاليات إعلامية ورياضية وثقافية، ومنها حفلات عدة مخصصة لمبادرة الموسيقى ضد عمل الأطفال، وإضافة إلى موضوع الحماية الاجتماعية، تتمحور فعاليات عدة حول حملة منظمة العمل الدولية للبطاقة الحمراء في وجه عمل الأطفال، والتي تستمر هذه المرحلة من الحملة – بحسب البيان - منذ افتتاح كأس العالم وحتى أولمبياد 2016، لتبدأ بوسيلة إعلام اجتماعية تُدعى «قصف الرعد»، وفعاليات مشابهة في البرازيل ونيويورك.