تعيين زهو مين نائباً لمديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، هو «خطوة عظيمة» على طريق تمثيل الاقتصادات النامية تمثيلاً عادلاً، على قول وزير الخارجية الصيني، فمديرة صندوق النقد الدولي الجديدة شرعت الابواب أمام صيني، في سابقة من نوعها، لاحتلال موقع تنفيذي رفيع المستوى في المؤسسة الدولية، ونزلت على طلب لم تفرط به بكين في الاعوام الماضية. وزهو من مواليد شنغهاي في 1953. وهو جزء من أول موجة طلاب صينيين التحقوا بالجامعات في 1978 بعد الثورة الثقافية. تخرَّج في 1982 من جامعة فودان بشنغهاي، وشغل منصباً تعليمياً فيها طوال 3 أعوام، وعمل مستشاراً للحكومة المحلية. هو واحد من أول دفعة طلاب صينيين سُمح لهم بمتابعة التحصيل العلمي في الخارج. وقبل سفره الى الخارج، لم يُجِدْ زهو الانكليزية إجادة طليقة، فاستأذن الاساتذة لتسجيل المحاضرات. وحاز شهادة دكتوراه في الاقتصاد والمال الدولي من جامعة جونز هوبكينز ودرّس فيها. شارك في دراسات يعدها البنك الدولي وفي برنامج الاممالمتحدة للتنمية. وفي 1996، رصدت بكين زهو، ودعته الى العودة الى الصين لتولي ملف حساس: انفتاح القطاع المصرفي الصيني على الاستثمارات الاجنبية. وعين زهو مستشاراً لرئيس بنك الصين المركزي، وقاد عملية دخول فرع المصرف في هونغ كونغ الى سوق البورصة المالية في 2002. أشرف على التحاق المصرف كله بالبورصة في 2006 بهونغ كونغ وشنغهاي. وتولى زهو عملية «تطهير» أصول بنك الصين المركزي من الاصول الفاسدة. واحتذت المصارف الصينية كلها على نموذجه، فهو «يتوسل أكثر الوسائل تقدماً لإدارة الخطر المالي. ذاع صيته اثر نجاح عملية الدخول الى البورصة»، يقول رجل أعمال من شنغهاي. وفي 2009، رُشِّح زهو لتولي منصب نائب مدير صندوق النقد الدولي. ولكنه لم يفز بالمنصب، وتولى منصب مستشار مدير صندوق النقد الدولي الخاص في شباط (فبراير) 2010، وعيّن نائب حاكم مصرف الصين المركزي. رأى مدير صندوق النقد الدولي السابق، دومينيك ستروس – كان، أن زهو «بالغ الذكاء والفطنة»، وحمله رسائل الى بكين. تقرَّبَ زهو من مسؤولي صندوق النقد الدولي واستمالهم اليه، من طريق الدفاع عن الصندوق في المحافل الدولية، فهو «أكثر الصينيين انفتاحاً على الغرب، وهو ودود وفصيح وماكر»، يقول زميل له. حمل إلمامُه الواسع بالاقتصاد الغربي والصيني مستمعيه على احترامه، «فهو لامع، ويعرف الصين معرفة دقيقة، ولا يغفل مكامن اخفاق بلاده وتعثرها وحجم التحديات التي تواجهها»، يقول خبير مالي غربي في بكين. ولكن هل يكون زهو في منصبه الجديد ذراعَ الصين الايمن في الساحة الدولية؟ «قد يعدل زهو عن نهجه الحالي حين يضطر الى الدفاع عن رؤية الصين في البنية الدولية... فهو يمثل كل الدول النامية، ولكنه ممثل الصين على وجه التحديد»، يقول خبير مالي آخر. وهو يدرك أن دفاع مسؤول في صندوق النقد الدولي عن بلده ليس في محله. وقد يتبنى زهو نهجاً كونياً اقتصادياً، فهو يعرف الاقتصاد الغربي وثقافته وقطاع الاعمال فيه معرفة وثيقة، ويسعه مد الجسور بين الغرب والصين. * صحافي، عن «لوموند» الفرنسية، 20/7/2011، إعداد منال نحاس