أظهرت إحصاءات حديثة في عُمان، أن نحو سبعة آلاف عامل أجنبي هربوا من كفلائهم منذ بداية السنة، بمعدل ألف عامل شهرياً، في وقت تدرس الحكومة تشديد قوانين العمل لمواجهة سوق سوداء لليد العاملة الأجنبية غير الشرعية، خصوصاً الآسيوية. وتعتبر إعلانات هروب العمّال الأجانب ظاهرة يومية في الصحف المحلية، إذ تفرض الجهات الرسمية نشر إعلان عن أي عامل هارب كمقدمة لمنح الكفيل عاملاً آخر، ما يعد في بعض الأحيان تحايلاً على الجهة الحكومية للحصول على عامل آخر في ظل التشدّد في منح تأشيرات سفر تزيد على حاجة البلد، علماً بأن عدد الأجانب ارتفع خلال العامين الماضيين من 600 ألف إلى أكثر من مليون، يمثلون ثلث عدد السكان. وكان التعداد الأخير للسكان في السلطنة أشار إلى أن عدد الأجانب يزيد قليلاً على 700 ألف عامل، فيما تشير إحصاءات وزارة القوى العاملة إلى أنهم تجاوزوا المليون، ما يعني جهل الجهات الرسمية بعدد الأجانب في البلد مع انتشار حالات الهروب والتجارة المستترة، إذ يلجأ مواطنون إلى جلب عمّال من آسيا وتسريحهم في السوق مقابل مبالغ مالية صغيرة، مع ترك الحرية للعامل في تحديد وسيلة الحصول على المال. وتسجَّل حالات هروب كثيرة في قطاع سوق عاملات المنازل، يكون المتضرر الأكبر منها المواطن الذي يدفع أكثر من 2500 دولار لاستقدام العاملة، ويختلف المبلغ من جنسية إلى أخرى. ومع الحاجة لعاملات المنازل، فإن هروبهن يعدّ ضربة قوية لاقتصاد الأسرة، إذ يستوجب دفع المبلغ مرة أخرى والانتظار نحو شهر لوصول عاملة جديدة قد تهرب أيضاً، في ظل الحديث عن مافيا تعمل على تهريبهن للعمل في أماكن أخرى، من ضمنها بيوت البغاء. وارتفعت كلفة عاملات المنازل بوضوح قبل شهر رمضان، في ظل ضغوط تمارسها الحكومة الاندونيسية على مواطناتها وإجبار مكاتب جلب العمّال في الدول المستوردة على دفع مزيد من الرسوم، فيما تشدّدت الحكومة الهندية على عمل مواطناتها في المنازل، وتتدخّل سفارتها في مسقط مباشرة لوضع عقد يضمن حق العاملة واشتراط مزيد من الامتيازات، من ضمنها توفير هاتف نقال وراتب يصل إلى نحو 200 دولار شهرياً، مقارنة ب100 دولار قبل سنوات، علما بأن الكفيل يؤمن عادة كل متطلبات المعيشة للعاملة. وتعاني الأسر العمانية من تذمّر عاملات المنازل والضغط لرفع رواتبهن وعدم إثقالهن بالعمل، وتستجيب بعض الأسر خشية هروب العاملة وغياب من يرعى الأطفال. وفي حين كانت عاملات المنازل يسعين سابقاً إلى نيل رضا الكفيل، أصبحت مخاوف هروبهن والتداعيات المالية الكبيرة على العائلة تجبر الكفيل على نيل رضا «الشغالة»، فيما يعاقب القانون المواطن بدفع ثمن إعلان في الصحف وثمن تذكرة عودة العامل الهارب، مع ضعف مراكز الإيواء لدى الجهات الرسمية.