رفضت الكويت امس طلب العراق وقف العمل ببناء ميناء «مبارك الكبير في جزيرة بوبيان، وهو الطلب الذي بررته بغداد بضرورة التأكد من ان حقوقها في المياه المشتركة لن تتأثر بهذا الميناء. وتحول النزاع بين الكويت والعراق من مطالبة عبدالكريم قاسم بالكويت الى طمع صدام حسين بالابار النفطية، الى ازمة الموانيء في عهد نوري المالكي وسط تذكير السياسيين العراقيين بان الدولة الكويتية «مصطنعة» ويجب ان تعود الى «الوطن الام» العراق. والأزمة المتجددة انبثقت اثر بدء الكويت بناء ميناء «مبارك» في جزيرة بوبيان التي حاول صدام ضمها على مدى عقود لأنها المدخل لشواطئه وموانئه التجارية وقواعده البحرية، كما انه خطط لها كي تكون احدى ركائر «الميناء العميق» الذي فكر ببنائه لزيادة صادرات العراق النفطية. واستعان في حينه، وبعد انتهاء الحرب مع ايران، بشركة «بكتل» الاميركية لوضع تصاميم ما كان سيُعرف لاحقاً، باسم «ميناء صدام» الذي كان سيُسطير على حركة الشحن البحري والنقل البري في المنطقة، نظراً الى الخدمات الكبرى والتسهيلات التي كان سيؤمنها حتى لايران والاردن وغيرها. في نيسان 2011، بدأت الكويت العمل في «مبارك الكبير» ووقعت عقداً مع شركة «هونداي» الكورية لانجازه العام 2016 بكلفة 1.1 بليون دولار، على ان يضم أرصفة ومرافئ ومنطقة تجارة حرة وشبكة سكك حديد. وكان العراق يخطط لبناء ميناء «الفاو العظيم» الذي يتقاطع مع «مبارك» ووقع مسؤولون عراقيون في 2009، عقداً مع شركة «تكنيتال» الايطالية لتصميم الميناء. وفي 4 نيسان 2011 وضع الحجر الأساس للميناء الذي سيُكلف ستة بلايين دولار، ويرتبط مع خط سكة حديد إلى أوروبا عبر تركيا. وأرادت بغداد أن يكون الميناء الأكبر في المنطقة، ونقطة مرور (ترانزيت) بين آسيا وأوروبا لينافس قناة السويس بعد اكتماله في 2017. وبعد التهديدات التي اطلقها «حزب الله» العراقي بضرب الشركات التي تعمل في الميناء الكويتي، دعت الحكومة العراقية الكويت رسمياً امس الى وقف العمل في بناء ميناء مبارك وطالبتها بتقديم معلومات تطمئنها. واكدت مصادر عراقية ان الحكومة ستلجأ الى الاممالمتحدة في حال فشل الحوار مع الكويت حتى يتم التأكد من ان حقوق العراق في المياه المشتركة لن تتأثر سلباً. وقال وزير الدولة الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في بيان ان «الحكومة العراقية تطلب من الجانب الكويتي ايقاف العمل في ميناء مبارك ريثما يتم التأكد من ان حقوق العراق في خطوط الملاحة والابحار الحر والامن في المياه المشتركة لا تتأثر». واكدت الحكومة العراقية ان بناء ميناء مبارك يهدف الى ارباك موقع الملاحة في الجزء الباقي من الممر المائي لخور عبدالله، من خلال دخول البواخر او خروجها من الميناء الجديد، فيما سيفرض رسوماً وضرائب عالية على البواخر التجارية الداخلة الى الموانئ العراقية، التي ستكون بحاجة الى تبني آلية مرور دقيقة داخل المساحة المائية الضيقة المتبقية. وأكدت الكويت امس انها ستواصل بناء الميناء. واستغرب مصدر مسؤول في وزارة الخارجية البيان العراقي مؤكدا انه «سبق للكويت اطلاع فريق فني عراقي على تفاصيل المشروع وعلى استعداد الكويت استقبال اي وفد ترسله بغداد لهذا الغرض». وقال المصدر لوكالة «الانباء الكويتية» ان الكويت تعرب عن «استغرابها لهذا الطلب الذي لا يستند الى أي أساس قانوني أو اعتبار منطقي حيث ان الميناء يقام على أراض كويتية وفق سيادتها على أراضيها ومياهها في الوقت الذي أكدت فيه مرارا وتكرارا بأن ميناء مبارك الكبير لا يشكل أي اعاقة لا من قريب ولا من بعيد للملاحة البحرية في خور عبدالله». وكانت الكويت ابدت رغبتها في اجراء محادثات منذ فترة، وقال السفير في بغداد علي المؤمن قبل فترة ان بلاده «ستتفاوض في شأن الموانئ، وهي مستعدة أن توقع اتفاقاً». واشار الى ان ميناء مبارك سيُفيد البلدين، خصوصاً ان العراق غير قادر على بناء ميناء في المياه العميقة، لذلك بادرت الكويت لتكون «منفذ تجهيز البضائع المتوجهة إلى العراق». اعتبر «إن السبب الوحيد، الذي يجعل العراق يشتكي هو محاباة إيران، التي تريد المتاعب للمنطقة... وأن ميناء مبارك أكثر أمانا لأنه بعيد عن مدى المدفعية الإيرانية، بينما الفاو يقع ضمن مداها». ويتحدث العراق عن بناء ميناء الفاو منذ 2003، لكنه لم يفعل الكثير في شأن ذلك. ونشر احد المواقع الإخبارية العراقية نصاً نقله من وثيقة حكومية وضعت في عهد رئيس الوزراء إياد علاوي العام 2004، جاء فيها إن بغداد وافقت على بناء ميناء الفاو. وفي واشنطن أكد مسؤول في وزارة الخارجية ل»الحياة» أن الادارة «لا تعلق عادة على المحادثات مع الدول الأخرى وتحديداً في شأن مسألة ثنائية مثل هذه بين العراق والكويت».