لاحت أمس بوادر لرأب الصدع بين القوى الإسلامية والتيارات الليبرالية في مصر قبل تظاهرات ينوي الإسلاميون تنفيذها الجمعة، فيما بدا أن فقدان المتظاهرين الذين يعتصمون في ميدان التحرير لتعاطف الشارع معهم، ولو بشكل جزئي، دفع غالبيتهم إلى الاتجاه لتعليق الاعتصام. وعلمت «الحياة» أن الحكومة المصرية ستعلن اليوم، بعد اجتماع لها، عن عزل اسماء المنتمين إلى الحزب الوطني «المنحل» من المناصب القيادية في الجهاز الإداري للدولة وإحلالهم بآخرين من جيل الثورة. ويأتي ذلك في وقت لا يزال الجدل مستمراً حول مكان انعقاد محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال في شأن اتهامات تتعلق ب «الفساد والتورط في قتل المتظاهرين»، والمقرر لها 3 آب (أغسطس) المقبل، خصوصاً بعدما ضُمت أول من أمس محاكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي و6 من كبار مساعديه إلى قضية الرئيس المخلوع. كما تزايد الغموض حول سماح حالة مبارك الصحية بمثوله أمام المحكمة، في ظل تضارب التصريحات حول حقيقة وضعه الصحي. وتواجه محاكمة الرئيس السابق مبارك ونجليه جمال وعلاء وصديقه المقرب رجل الأعمال الهارب حسين سالم وقادة وزارة الداخلية، تحديات تتعلق بتوفير الشروط الأمنية لسلامتها، والمكان الذي سيحتجز به المتهمون. ووضع مراقبون وخبراء أمن ثلاثة سيناريوات لتأمين مكان محاكمة مبارك، تراوحت بين نقل المحاكمة إلى منطقة أرض المعارض بحيث يتسع المكان إلى الحضور الغفير المتوقع، أو حضوره في محكمة جنايات القاهرة في ضاحية التجمع الخامس والبعيدة من القاهرة والتي تحيط بها الصحراء، أو نقل المحاكمة إلى مدينة شرم الشيخ حتى يسهل معها فرض الأمن، وهو التوجه الذي يفضّله الخبير الأمني اللواء فؤاد علام. وشرح علام ان شرم الشيخ بعيدة عن أماكن الازدحام في القاهرة، وبالتالي يسهل تأمينها، لكنه أكد ضرورة نقل المحاكمة على الهواء مباشرة حتى تطمئن الجماهير. وقال إن وجود المحاكمة في العاصمة يضيف مزيداً من الصعوبات على وزارة الداخلية، حيث يمكن أن تشهد محاكمته تظاهرات حاشدة من المواطنين الغاضبين وأسر الشهداء. لكن طرح علام يُقابل بمشاكل على ما يبدو، إذ كشفت مصادر قضائية أن مجمع محاكم منتجع شرم الشيخ غير جاهز حتى هذه اللحظة لانعقاد المحاكمة، نظراً إلى عدم استكمال أعمال التأسيس داخلها، لافتة إلى أن المحامي العام الأول لمحكمة استئناف القاهرة المستشار مصطفى سليمان عندما انتقل لإجراء التحقيق مع نجلي الرئيس السابق اضطر حرس المحكمة إلى الاستعانة بتيار كهربائي من أحد المنازل المجاورة نظراً إلى عدم استكمال أعمال التأسيس والبناء حينها. وأوضحت المصادر أنه في حال انعقاد المحاكمة في شرم الشيخ فإن القوات المسلحة سيكون لها دور كبير في تأمين نقل المتهمين من سجن المزرعة إلى محكمة شرم الشيخ الجديدة، وستستخدم القوات المسلحة المطارات العسكرية والطائرات الحربية في نقل نجلي الرئيس واللواء العادلي ومساعديه الستة ضماناً لعدم الاعتداء عليهم أثناء نقلهم، ولتفادي مشاكل النقل البري الذي يستلزم تأمين الطريق بأكمله منذ خروجهما من السجن وحتى وصولهم إلى المحكمة. في غضون ذلك، ينوي إسلاميون تنفيذ تظاهرات ضخمة الجمعة تحت مسمى «مليونية الشريعة» للتعبير عن رفضهم المساعي التي تجري لوضع «مبادئ فوق دستورية» تخضع لها كافة الأحزاب السياسية، وهو أمر يثير خلافاً مع قوى ليبرالية. وظهر أمس بوادر لحل أزمة الاعتصامات في ميدان التحرير، إذ عقدت قوى شبابية مساء اجتماعاً لبحث الخطوات المستقبلية. وعلمت «الحياة» أن الاتجاه العام نحو «تعليق الاعتصامات» خصوصاً بعد حزمة الإجراءات والتعهدات التي قطعتها على نفسها الحكومة المصرية المعدلة. وأعلنت الجمعية الوطنية للتغيير أمس تعليق اعتصامها في ميدان التحرير المستمر منذ نحو أسبوعين، بعدما حقق الاعتصام معظم أهدافه، وفق بيان الجمعية. ودعت الجمعية أعضاءها للعودة إلى الميدان في جمعة ذكرى عبور العاشر من رمضان في 12 آب (أغسطس) المقبل في إفطار جماعي «مليوني» وقداس ل «إخوتنا في الوطن» لمتابعة تنفيذ القرارات واستكمال ما لم يتحقق بعد من أهداف الثورة. وذكر بيان للجمعية التي أطلقها الدكتور محمد البرادعي في شباط (فبراير) العام الماضي، أنها وهي تدعو لتعليق الاعتصام تؤكد في الوقت ذاته مطلب وقف إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية ورفض «لغة التخوين» ضد حركتي «6 أبريل» و «كفاية»، وضرورة فتح تحقيق مستقل في أحداث العباسية التي أصيب فيها أكثر من ثلاثمئة شخص. ويستضيف حزب الوسط اليوم (الاربعاء) اجتماعاً يضم ممثلين عن التيار الإسلامي (جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية والسلفيين) وعدداً من القوى الليبرالية واليسارية والائتلافات الشبابية في محاولة للتوافق وتفادي التصعيد بين الجانبين. وأوضح رئيس حزب الوسط المهندس أبو العلا ماضي أن الهدف من اجتماع اليوم كسر الاستقطاب وتفادي التصعيد الحاصل بين التيارات السياسية في الفترة المقبلة ومحاولة الوصول إلى توافق في ما بينها. وقال ل «الحياة»: «سنبحث كيفية الوصول إلى هذا الهدف سواء بإرجاء النزول في تظاهرات الجمعة المقبل أو النزول بشعارات توافقية والبعد عن المطالب التي تثير الجدل»، مؤكداً أن كل القوى السياسية «مجمعة على هذا الاتجاه ومرحبة به». على صعيد آخر أعلنت مصادر رسمية أن قوات الشرطة العسكرية ألقت القبض على إنكليزي الجنسية بمساعدة أهالي السويس أثناء محاولته جمع معلومات عن أفراد ومنشآت القوات المسلحة في محافظة السويس، حيث تم فتح تحقيقات موسعة مع الرجل لكشف ملابسات وجوده في تلك الأماكن، وما إن كان يعمل لمصلحة أحدى الجهات من عدمه.