قال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد في مقابلة أجرتها معه «الحياة» إن الفلسطينيين ذاهبون الى الأممالمتحدة للحصول على عضويتها وليس للاعتراف بالدولة الفلسطينية، متوقعاً «فيتو» أميركياً ومأزقا وحرجاً بالغاً للجميع. في الوقت نفسه، أكد أنه غير راض عن أداء اللجنة المركزية لحركة «فتح»، مشيراً الى أنه في الخلية الأولى للحركة. وأوضح الأحمد الذي يصل الى القاهرة اليوم في زيارة يجري خلالها محادثات مع مسؤولين مصريين: «لسنا ذاهبين إلى الأممالمتحدة من أجل طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بل للحصول على العضوية في الأممالمتحدة». وأضاف: «نتوقع أن تستخدم الولاياتالمتحدة الأميركية الفيتو، لكن رغم ذلك نحن ذاهبون»، لافتاً إلى التهديد الأميركي السابق للقيادة الفلسطينية لثنيها عن طرح قضية الاستيطان في الأممالمتحدة، و«على رغم ذلك تمسكنا بموقفنا ولم نتراجع، وكان الفيتو الأميركي هو النتيجة كما توقعنا». وتابع: «هددنا حينئذ الرئيس باراك أوباما شخصياً، لكننا لم نتراجع وذهبنا إلى الأممالمتحدة، وكان ذلك بمثابة لطمة للإدارة الأميركية». وعن جدوى الذهاب إلى الأممالمتحدة طالما أن المشروع الفلسطيني سيجابه ب «الفيتو» الأميركي، قال: «أولاً إن استمرار استخدام الأميركيين الفيتو في حق قضايا الشعب الفلسطيني ظلم كبير، لكنه يعري السياسة الأميركية ويكشفها على حقيقتها وبأنها غير نزيهة، لذلك أنا مندهش تماماً إزاء قيادتها للجنة الرباعية على رغم موقفها هذا». وأوضح أنه سواء كان هناك «فيتو» أو لم يكن، فإنه طبقاً للنظم المعمول بها في الأممالمتحدة فأن مجلس الأمن سيحيل الطلب الفلسطيني على الجمعية العامة ليبرر هناك لماذا تم رفضه أو لماذا تمت الموافقة عليه، وقال: «حينئذ سيُفتح نقاش جديد ... فإذا رفضوا سنفند ما يُطرح أمام الجمعية العامة وسنذكرها بقرارها الرقم 181 الذي على أساسه تم قبول عضوية إسرائيل في الأممالمتحدة». وتساءل باستنكار: «فلماذا إذن لا ينفذ الشق الثاني من قرار الجمعية العامة الذي سبق أن نُفذ لمصلحة إسرائيل؟»، متوقعاً أن ذلك «سيتسبب في مأزق للجميع ويضعهم في حرج بالغ وربما أيضاً في وضع قانوني صعب». ورأى أن ذلك من شأنه أن يعيد الحيوية للقضية الفلسطينية في أروقة الأممالمتحدة ويشجع العالم على العمل من أجل إعادة تصحيح المسار لهذه المؤسسة الدولية والقضاء على الهيمنة الأميركية فيها، وقال: «قد يؤدي ذلك إلى حصول (فلسطين) من الجمعية العامة على عضوية مراقب»، لافتاً إلى الفارق الكبير بين وضع فلسطين حالياً في الأممالمتحدة كعضو مراقب من دون تعريف محدد لكلمة (فلسطين)، وبين دولة فلسطين عضواً مراقباً. واعتبر أنه عندما تناقش الأممالمتحدة والمجتمع الدولي قضية أراض محتلة غير معروفة طبيعتها، كما جاء وفق القرار الرقم 242، يختلف عن مناقشتها باعتبارها أراضي للدولة الفلسطينية. وأوضح: «هناك فارق كبير بين دولة محتلة وبين أراض متنازع عليها، كما يرى البعض». ولفت إلى أن «هناك اجتهاداً يقول: لماذا لا نسعى الى الحصول على قرار من الجمعية العامة بحدود الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967؟». وأوضح أن القيادة الفلسطينية تمكنت من الحصول على حشد ودعم دولي قوي، مشيراً إلى أن وزير خارجية الصين أخبره أخيراً عندما التقاه في بكين منتصف الشهر الجاري ب «أن الصين ستقف مع الفلسطينيين بقوة أينما ذهبوا، سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة». واعتبر أن ذلك يدلل على المكاسب السياسية التي بدأت القيادة الفلسطينية في جنيها، على رغم أن الأمر ما زال فكرة، وقال: «إن العالم كله أصبح يناقش هذا الأمر»، في إشارة إلى التوجه إلى الأممالمتحدة. ولفت إلى أن ذلك أثار قلقاً لدى الأميركيين، معتبراً أن قرار الكونغرس الأخير وتصويته المسبق على قطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني في حال الذهاب إلى الأممالمتحدة أو إنجاز المصالحة، يدلل على ذلك ويعري الموقف الأميركي الذي يقف ضد الشعب الفلسطيني ولا يمكن أن يكون مع الديموقراطية. وقال: «الأميركيون لا يريدون الخير للأمة العربية برمتها وليس فقط للفلسطينيين». وتابع: «ليكن ما يكن، ليقطعوا المساعدات عنا فنحن لن نبيع كرامتنا وحقوقنا الوطنية بالمال». وربط الأحمد بين ملف المصالحة والمسار السياسي، وقال: «الأميركيون يستخدمون المصالحة كسلاح»، موضحاً أنه لا يمكن أن تكون هناك تسوية سياسية تؤدي إلى حل الدولتين في ظل الانقسام. وأضاف: «باختصار من المستحيل إقامة دولة فلسطينية طالما هناك انقسام»، متهماً الأميركيين بأنهم لا يريدون دولة فلسطينية «لأنهم لا يستطيعون أن يفصحوا عن هذا علناً فهم، عوضاً عن ذلك، يقولون: لا نريد طرفاً أساسياً من مكونات الشعب الفلسطيني»، في إشارة إلى حركة «حماس». واستنكر سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها الجانب الأميركي الذي لا يجد غضاضة في رفض وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وكذلك عدم اعتراف حزب «ليكود» باتفاقات أوسلو، بينما غير مسموح للشعب الفلسطيني التعبير عن خياراته بحرية. واتهم الأحمد الأميركيين بأنهم «يروجون لدولة فلسطينية غير موجودة، فليست هناك معابر ولا سماء ولا سيادة الى آخره»، مشيراً إلى ما تناولته خطة «خريطة الطريق» عن حل للدولة الفلسطينية ذات الحدود الموقتة. وتساءل مستنكراً: «هل نستسلم للرغبة الأميركية وهم يقفون بل يعملون ضد قيام الدولة الفلسطينية؟»، مؤكداً أن «الطريق إلى الدولة الفلسطينية مليء بالأشواك وهناك صعوبات، لكن ذلك لا يعني الرضوخ للابتزازات». وقال: «لا أعتقد أن الشعب الفلسطيني يقبل أن يقايض على كرامته واستقلاله وأرضه بالمال»، محذراً من أن الاعتماد على العامل الخارجي ينذر بإنهاء الحالة الوطنية الفلسطينية. وانتقد بشدة هؤلاء الذين يروّجون لهذه الثقافة، مشيراً إلى ربط المصير والوطن بالمال، وقال: «هذه الثقافة يجب أن تحارب ... هذه ثقافة جديدة وغريبة عن مبدأ النضال من أجل الحرية»، مضيفاً: «العجز المادي موجود، لكن لو تم تنفيذ قرارات القمم العربية لما كان هناك عجز». ولفت إلى أن «هذا الدعم المالي من الدول العربية واجب وليس مِنَّة منهم، فنحن الفلسطينيين ندافع في الخندق الأول عن الأمة العربية كلها». وعما إذا كان إصرار القيادة الفلسطينية على المضي قدماً في كل من المصالحة وخيار التوجه إلى الأممالمتحدة على رغم الرفض الأميركي قد يعرض السلطة لانهيار بسبب العقوبات المتوقعة تنفيذاً لما جاء في توصيات قرار الكونغرس، أجاب: «لتنهر السلطة». وتابع متسائلاً: «لماذا تستمر السلطة؟ ... فهل نحن نريد أن نبقى سلطة تحت الاحتلال إلى الأبد؟»، مؤكداً أن القيادة الفلسطينية لن تتراجع عن تنفيذ المصالحة، وقال: «سنظل نتواصل مع الأخوة في حماس والقوى الفلسطينية كافة من أجل الخروج من المأزق الذي وضعنا فيه، وسنجد حلاً لأنه لا يوجد خيار آخر سوى تشكيل حكومة فلسطينية بالتوافق»، لافتاً في الوقت ذاته إلى عدم وجود قوالب جاهزة للحل. وسُئل الأحمد عما إذا كان موقف الرئيس محمود عباس (أبو مازن) عن رفضه للنضال المسلح نتاج الضغوط الأميركية وليتسق مع الموقف الدولي، فأجاب: «أبو مازن ليس ضد المقاومة ولا ينفي حق الشعب الفلسطيني في المقاومة بأشكالها كافة، لكن وفقاً للتوقيت والظرف المناسبين». وزاد: «هو (أبو مازن) يرى أن خيار السلام استراتيجي في هذه المرحلة ويجب أن تكون له الأولوية، خصوصاً بسبب الوضع الفلسطيني الداخلي والظروف العربية والإقليمية والدولية وكذلك بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لذلك الرئيس عباس يرى أن العمل السياسي هو الأمثل في هذه المرحلة»، مشدداً على أن «فتح» لم تسقط خيار المقاومة إطلاقاً كما أن «أبو مازن» يشجع المقاومة الشعبية. وعما يتردد عن نية الرئيس الفلسطيني الانخراط في مفاوضات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي بغض النظر عن استمرار الاستيطان، قال: «إن المفاوضات الآن غير مطروحة وليست هناك إمكانية لاستئنافها طالما لم تتم الاستجابة للموقف الفلسطيني الذي يتلخص بالتأكيد على أن تكون مرجعية أي مفاوضات هي حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 والتجميد الكلي للاستيطان»، لافتاً إلى أن «أبو مازن» متمسك بهذا الموقف الذي أكده في اجتماعات القيادة الفلسطينية الأخيرة. وأوضح أن هناك أصواتاً فلسطينية لها وجهة نظر مختلفة وأبدت استعدادها للعودة إلى المفاوضات وهي التي تجاوبت مع خطاب الرئيس أوباما الأخير الذي دعا إلى استئناف المفاوضات وتحدث فيه عن حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، لكنه تجاهل الاستيطان تماماً. وقال الأحمد إن «التوجه إلى الأممالمتحدة يدلل على عدم وجود مفاوضات ... على رغم أن هذه الخطوة لا تتعارض مع الانخراط في المفاوضات». ورأى أن المفاوضات غير مطروحة حالياً، مشيراً إلى فشل اجتماع اللجنة الرباعية الأخيرة في التوصل إلى موقف محدد إزاء المسار السياسي، وقال: «هذا أفضل السيء ... لأن أطراف الرباعية اختلفت مع الموقف الأميركي ورفضت الانسياق خلفه، وهذا الأمر نعتبره لمصلحتنا». غير راض عن أداء مركزية «فتح» وعلى صعيد «فتح» والتراجع الذي أصاب الحركة أخيراً، قال: «إن فتح لم تتطور كمؤسسات بعد مؤتمرها في بيت لحم، سواء على صعيد المؤسسة الأولى، أي اللجنة المركزية، أو المنظمات الأخرى»، مضيفاً: «أنا في الخلية الأولى للحركة وغير راض عن أداء اللجنة المركزية لأنه حتى الآن لم يتحقق إنجاز يذكر، بل العكس صحيح». وأضاف: «كنت من معارضي عقد مؤتمر الحركة في الداخل، وأرى أن عدم نجاحنا في استثمار النتائج في شكل إيجابي يعود إلى عقد المؤتمر في بيت لحم»، وزاد: «باختصار فتح ما بعد مؤتمر بيت لحم لم تتمكن من بناء المؤسسة التنظيمية سواء في الداخل أو الخارج ... والفوضى التنظيمية والنزاعات الفوضوية داخلها لا تزال قائمة في غزة والضفة». وعما إذا كانت «فتح» مستهدفة، أجاب: «إن القضاء على الحركة يعني القضاء على الحركة الوطنية الفلسطينية، وشطب فتح يعني شطب منظمة التحرير»، لافتاً إلى الإنجاز الاستراتيجي الذي حققته وهو إعادة الشخصية الوطنية الفلسطينية التكوين، وقال: «يبدو أن هناك مؤامرة للقضاء عليها (فتح)»، مشيراً إلى الإشاعات التي تروج حولها من أجل هز الثقة بها. ولفت إلى أن هناك أخطاء وفساداً في الحركة مثلها مثل أي تنظيم آخر «فنحن بشر ولسنا ملائكة، لكن علينا أن نتصدى لها ونعالجها».