«مباشر ... التجمع الخامس». كلمات اعتلت شاشة التلفزيون الرسمي في مصر أثناء نقله على الهواء مباشرة أمس وقائع محاكمة وزير الإعلام السابق أنس الفقي ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون أسامة الشيخ في وقائع إهدار المال العام، في مشهد جديد على الإعلام المصري. لم يستيقظ مشاهدو التلفزيون الرسمي أمس كعادتهم على قراءة الصحف أو أنباء التعديل الحكومي المتعثر، لكنهم فوجئوا بصور الفقي والشيخ بزي السجن الأبيض على شاشات التلفزيون وسط مشهد لم يخل من الفوضى والوجود الأمني المكثف لقوات الشرطة والجيش داخل ساحة محكمة يعتلي منصتها قضاة يطلبون من حاجب المحكمة النداء على الشهود الذين تغيّب معظمهم. «الحدث الفريد» لم ينل القدر الكافي من المشاهدة، إذ أنه كان مفاجئاً. لكن التلفزيون الرسمي الذي حصل على امتياز بث وقائع المحاكمات حصرياً بصفته تلفزيون الدولة قطعاً سيعوّض هذا القصور في عشرات المحاكمات اللاحقة، ليضمن نسب مشاهدة مرتفعة بعدما جذبت برامج «التوك شو» الفضائية المسائية المشاهدين الذين بات عليهم تغيير مواعيد متابعتهم للأحداث إلى الصباح. بات على التلفزيون الرسمي الإعلان عن وقائع المحاكمات التي ستذاع في اليوم التالي لمنح الفرصة للمشاهدين لمتابعتها وعدم ترك الأمر للصدفة أو الظروف لئلا يفوت على المصريين محاكمة وزير الداخلية السابق حبيب العادلي التي يُتوقع أن تشهد أكبر نسبة مشاهدة في تاريخ التلفزيون المصري. أما محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال فقد تسبب اعتصامات وتظاهرات للمطالبة بطرح حقوق بثها في مناقصة علنية تتيح للفضائيات الحق في نقلها على الهواء مباشرة، وربما يتطور الأمر إلى اقتراح بإنشاء فضائية خاصة بمحاكمة رموز النظام السابق لتكرر على مدار الساعة مشاهد مسؤولين سابقين خلف الأسوار الحديد بعد أن ظلوا لسنوات محجوبين عن الجماهير خلف حراسات ومواكب أمنية، على أن تتخلل هذه المشاهد فقرات إعلانية لتحقيق الربحية. وبدا رئيس المحكمة في موقف لا يحسد عليه أمس، إذ أنه يمارس مهمات عمله وسط متابعة المشاهدين لكل كلمة ينبس لها. وهو طلب وقف التصوير أو التسجيل أثناء سماع شهادة الشهود «حتى لا يكون لذلك تأثير على بقية الشهود». ووجه حديثه للإعلاميين قائلاً إنه سمح لهم بتصوير كل شيء لكن التصوير أو التسجيل أثناء سماع الشهود «يضر بحقوق المتهم وحقوق النيابة العامة ممثلة للمجتمع». وأكد وزير الإعلام المصري أسامة هيكل أن التلفزيون الرسمي سيذيع على الهواء مباشرة كل المحاكمات المقبلة لرموز النظام السابق غير أنه ترك الأمر مفتوحاً على الاحتمالات المختلفة، إذ ترك السلطة النهائية في هذا الأمر للقضاء نفسه. وطالما طالب المعتصمون في ميدان التحرير بعلانية المحاكمات غير أن مصدراً قضائياً مسؤولاً في مجلس القضاء الأعلى عبّر عن «استيائه وعدم رضاه» عن نقل المحاكمات عبر التلفزيونيات، قائلاً إن علانية جلسات المحاكمات «لا تعني تصويرها من خلال الكاميرات، فشرط العلانية يتحقق بوجود أعداد كافية من الحضور داخل قاعات المحاكم فقط».