وجد بايرن ميونيخ الذي تخلّى عن يورغن كلينسمان ضالته بالهولندي لويس فان غال الباحث دائماً عن تحدٍ جديد «خارج الحدود». في مطلع الشهر الماضي، أعلن النادي البافاري أن فان غال وقع عقداً لمدة عامين للإشراف على تدريب فريقه اعتباراً من الأول من تموز (يوليو) المقبل. وتوصل فان غال بسرعة الى اتفاق مع مسؤولي بايرن, بيدَ أن التعاقد معه تأخر بسبب المطالب المالية لرئيس ناديه أ. زد. ألكمار، قبل أن تذلل العراقيل. ورداً للجميل التزم بايرن بخوض مباراة ودية مع ألكمار صيف عام 2010. وسبق لفان غال أن اشرف على أياكس أمستردام من 1991 الى 1997 وقاده الى لقب بطل دوري أبطال أوروبا عام 1995, وبرشلونة الإسباني من 1997 الى 2000, ومنتخب هولندا عامي 2000 و2001 من دون أن يتمكّن من تأهليه الى نهائيات مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، حيث حلّ ثالثاً في مجموعته خلف البرتغال وجمهورية ايرلندا. وذكر مطلعون أن النادي البافاري تواصل مع فان غال بواسطة لاعبه الهولندي مارك فان بومل الذي تربطه بالمدرب صداقة قديمة. وتأمل ادارة بايرن أن يُشعل «الهولندي» في صفوف الفريق «ثورة ايجابية» على غرار النقلة الاحترافية والتنظيمية التي جعلت من ألكمار رقماً صعباً في الدوري الهولندي ومشروع ناد مهم قادر على مقارعة الكبار. وطبعاً تطمح الإدارة البافارية بفرض إيقاعها سريعاً واستعادة سطوتها على الساحة المحلية وإستنئناف صولاتها الأوروبية، وورشة التدعيم ناشطة على مختلف الجبهات، ومحورها الأساس «استراتيجية خاصة» وضعها فان غال وسيتصدّى لتنفيذها، على حدّ تعبيره، بدءاً من الشهر المقبل. ويدرك فان غال أن طريق استعادة التألق الأوروبي وفرض «احترامه» دولياً يختلف عنوانها في بايرن ميونيخ عن «المسار الهولندي». وسيكون سلاحه الأبرز في هذه المواجهة ما راكمه من خبرة سابقاً، وما يحمل منكبيه من معرفة معمّقة بطباع النجوم و»تقليعاتهم». رقم صعب شطبوه عن اللائحة، فعاد وضرب بقوة وفرض نفسه من جديد رقماً صعباً في عالم التدريب! عام 2002 وبعد فشله في تأهيل هولندا الى نهائيات المونديال ، أدرج فان غال على «اللائحة السوداء»، وغيّب اسمه أعواماً قبل أن يعود الى الواجهة رسمياً في الموسم الماضي بعد قيادته أ. زد. ألكمار الى إحراز بطولة الدوري الهولندي للمرة الثانية في تاريخه، وتحديداً بعد 28 عاماً من تتويجه الأول. وكانت ألقاب الدوري الهولندي بين 1981 و2009 حكراً على أيندهوفن وأياكس أمستردام وفينورد روتردام، فبدا من المستحيل التخيّل بامكان خرق حصار هذا الثلاثي للدوري. لكن منذ وصول فان غال الى ألكمار صيف 2005 والأمور تتقدم الى الأفضل، اذ حوّله من فريق متفرّج الى طرف فاعل. وتأسس ألكمار عام 1967 بعد دمج فريقي ألكمار 54 وأف. سي. زانستريك. وبلغ نهائي مسابقة كأس الاتحاد الأوروبي عام 1981 حيث خسر أمام ايبسويتش تاون الإنكليزي. غير أن أحلام ألكمار للاستفادة من خبرات فان غال الأوروبية بعد اللقب المحلي، إصطدمت بطموحات المدرّب الذي تلقى عروضاً خارجية عدة، على رغم ارتباطه بعقد رسمي مع بطل هولندا حتى صيف 2010. فور وصوله صيف 2005، أعاد فان غال تنظيم الهيكلية الفنية في الفريق، ونظم عملية التدريب، وكانت أولى الثمار حلول الفريق ثالثاً في الدوري، وبفارق ثلاث نقاط فقط عن البطل أيندهوفن. وفي الموسم الثاني، حلّ ألكمار أيضاً في المرتبة الثالثة وبفارق نقطتين عن صاحب المركز الأول في بطولة كان في إمكانه خطف لقبها لولا أخطاء في المراحل الأخيرة. كما حلّ وصيفاً في مسابقة الكأس. ولكن موسم 2007- 2008 لم يحمل أي خير للفريق الذي تراجع مستواه في شكل لافت وحلّ في المرتبة ال11، وهذه النتيجة كادت فعلياً تطيح بفان غال من مركزه، ليس بقرار إداري، بل بقرار شخصي منه اذ أعلن استقالته في إختتام الموسم، قبل أن يعود بناء على إصرار لاعبيه الذين طلبوا منه ومن الإدارة وضع الخطة اللازمة لإنقاذ الفريق، وهي خطة سبق للمدرب أن وضعها ولم تنفّذ بسبب عناصر مشاغبة في التشكيلة وتراخ من جانب الإدارة. ومع أن بداية موسم 2008-2009 كانت أشبه بكارثة مع خسارتين على التوالي في افتتاح الدوري، فإن فان غال كان مطمئناً الى سير العملية، وبرر البداية المتعثرة بالإرهاق اللاحق باللاعبين نتيجة مشاركة تسعة منهم مع المنتخب الأولمبي في دورة بكين. وجاء قرار فان غال وتوقعاته صائبين، اذ، وفي المباراة الثالثة، أسقط ألكمار بطل الدوري أيندهوفن وبدأت بعدها سلسلة من 28 مباراة من دون خسارة، استطاع خلالها أن يبتعد عن منافسيه ويحرز اللقب قبل ثلاث مراحل من الإختتام. وقد ظهرت لمسات فان غال على الفوز من خلال أسلوب جديد إرتكز على خطة دفاعية متينة (في أول 30 مباراة لم تدخل مرمى الفريق سوى 15 إصابة)، لكنها اهتزت بعد إحراز اللقب ودخلت مرمى الفريق 6 إصابات في 3 مباريات مع خسارتين اضافيتين. ومن أبرز أعمال فان غال هذه السنة «تطيير» اللاعبين المشاغبين والمتمردين (بوي واترمان وريان دونك) وزيادة مهمات المدرب المساعد باتريك كلويفرت (المهاجم الهولندي السابق)، وطبعاً إعادة الروح الى المهاجم منير الحمداوي الذي أحرز لقب هداف الدوري، والذي سبق أن عانى من اضطهاد المدربين له وسوء العلاقة معه، فاستطاع إعادته الى جو البطولة والكرة.