أكد وزير الخارجية السعودي أن إيران والإرهاب حليفان لا يفترقان، وذلك خلال ترؤسه أمس (الخميس) اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها ال29، إثر تسلمه رئاسته من وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي ترأست بلاده القمة ال28. ورحب الجبير في كلمته بالوزراء المشاركين في الاجتماع، معربا عن شكره للمملكة الأردنية الهاشمية على ما بذلته من جهود مخلصة في قيادة العمل العربي المشترك خلال رئاستها للدورة ال 28 من القمة العربية. وقدم الجيبر خالص العزاء للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة في ضحايا تحطم الطائرة العسكرية, داعيا المولى أن يتغمدهم برحمته ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، مؤكداً أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وأنها تستمر في تصدر بنود جدول أعمال مجلس الجامعة على مستوى القمة تعبيرا عن الموقف الثابت والداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية كما نصت عليه القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية. وقال الجبير : «إننا اذ نعلن عن استنكارنا لاعتراف الولاياتالمتحدة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل فإننا نشيد بالإجماع الدولي الرافض لذلك، اذ إن من شأن هذه الخطوة إعاقة الجهود الدولية الرامية لتحقيق إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي». وشدد وزير الخارجية السعودي على أن التطرف والإرهاب خطر كبير على دولنا وشعوبنا ويجب التعامل معه بحزم بما في ذلك مواجهة الفكر المتطرف وتجفيف منابع تمويله وعدم توفير الملاذ الآمن لمن يرتبط به وأوضح أن المملكة لا تقبل ولا تتسامح مع الإرهاب والتدخلات الإيرانية في منطقتنا، مؤكدا أنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة ما دامت إيران تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية من خلال إشعال الفتنة الطائفية وزرع ميليشيات إرهابية واحتضانها قيادات تنظيم القاعدة الإرهابي. وشدد الجبير على أن إيران تقف وراء إمداد ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لها في اليمن بالصواريخ البالستية الإيرانية الصنع التي تطلقها ميليشيا الحوثي على المدن السعودية التي بلغت 117 صاروخاً، مؤكدا أن ذلك يعكس دموية أفكار مرجعيتها وتبنيها للأعمال الإرهابية كافة المزعزعة للأمن والاستقرار في اليمن الذي ندعم الجهود المبذولة بشأنه من الاممالمتحدة تنفيذا لقرار مجلس الأمن 2216 وفقا للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني. وأشار الجبير إلى أن ميليشيا الحوثي الإرهابية تتحمل المسؤولية الكاملة تجاه الأزمة الإنسانية التي عصفت باليمن، مبينا أن المملكة قامت بواجبها نحو العمل الإنساني والإغاثي فيه، إذ دعمت البرامج الإنسانية والتنموية والحكومية والبنك المركزي اليمني خلال السنوات الثلاث الماضية بمبلغ تجاوز 10 بلايين دولار ، كما وصل عدد المشاريع التي يمثلها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الآن في اليمن الى 217 مشروعا بكلفة 925 مليون دولار. وعن الأزمة السورية، قال الجبير: «إن الشعب السوري المظلوم يكتب فصلاً جديدا من فصول معاناته مع العدوان الغاشم الذي تغذيه قوى الشر والإرهاب، ويؤكد ذلك مجددا دعمنا للشعب السوري الشقيق والحفاظ على وحدة سورية ومؤسساتها وفقا لإعلان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن2254». وتطرق الجبير إلى إدانة المملكة بأشد العبارات استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية، ومطالبتها المجتمع الدولي بمعاقبة مرتكبي هذه الجريمة النكراء». وعن إعادة اعمار العراق، قال الجبير إن ذلك فرصة لا بد من استثمارها من أجل استثمار إسهام العراق مع أشقائه في دعم مسيرة العمل العربي المشترك، متحدثا في هذا الصدد عن تخصيص المملكة مبلغ 1,5 بليون دولار لإعادة الإعمار فيه، ودعم الصادرات السعودية له خلال المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق الذي عقد في دولة الكويت الشقيقة أخبرا. وعن الأوضاع في ليبيا، أعرب وزير الخارجية عن تطلعاته إلى أن تسهم الجهود الليبية في احتواء الأزمة من خلال دعم حكومة الوفاق الوطني ببذل الجهود الحثيثة للعمل كما جاء في اتفاق الصخيرات من أجل حل الأزمة الليبية حفاظا على أمنها ووحدة أراضيها، واختتم وزير الخارجية كلمته بتأكيد المملكة على أهمية وضرورة توحيد الجهود سعيا لإصلاح وتطوير جامعة الدول العربية بما يخدم مصالح الدول الاعضاء ويعزز تعاونها لتنعم شعوبها بالأمن والرخاء. من جانبه، أعرب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عن شكره وتقديره لمملكة قيادة وشعبا على حسن الاستقبال وطيب الضيافة. ودان الوزير الصفدي في كلمة مماثلة الاعتداء الصاروخي على المملكة العربية السعودية أمس، وقال: «ندينه، ككل سوابقه، عدوانا غاشما مرفوضا. نحن معكم بكل إمكاناتنا. أمن السعودية هو أمن الأردن». وشدد على العمل العربي المشترك في إطار الجامعة العربية في ظل الأزمات والصراعات والانقسامات الراهنة. وتطرق إلى القضية الفلسطينية و إلى الممارسات اللاشرعية في تقويض حل الدولتين الذي أجمع عليه العالم، مؤكدا أن إسرائيل بذلك تهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم. وأوضح أن السلام هو الخيار العربي الاستراتيجي، وذلك من طريق مبادرة السلام العربية بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من حزيران 1967. ودعا إلى تكثيف الجهود لإنهاء المأساة السورية ووقف القتال، وعلى دعم مسار جنيف للتوصل لحل سياسي على أساس القرار 2254، يحفظ وحدة سورية وتماسكها واستقلاليتها، ويقبل به الشعب السوري الشقيق. وشدد على أن الإرهاب هو العدو المشترك ونقيض ثقافتنا وقيم السلام والمحبة واحترام الآخر التي يمثلها ديننا الإسلامي الحنيف، مشيرا إلى أن الحرب عليه حققت إنجازات مهمة في العام الماضي أبرزها دحر العراق العصابات الداعشية وإنجازه انتصار لنا جميعا. مبينا أن ذلك أدى تقويض سيطرة الإرهابيين المكانية في سورية. لكن الحرب ما تزال مشتعلة أمنيا وفكريا، وحسمها يتطلب شمولية في الطرح تقضي على الإرهاب حيث وجد، وتعري ظلاميته وضلاله عبر جميع المنابر. بدور، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط في كلمته خلال الاجتماع: «إن الرأي العام العربي ينتظر من القمة العربية الكثير، ويعلق عليها أملاً بأن تفتح باب الخروج من هذه الأزمات المُركبة التي واجهتها في السنوات الماضية». وأضاف: «إنه على رغم أن الأغلبية العظمى من الدول العربية لا تواجه تهديدات أو أزمات خطرة، إلا أن استمرار حالات التفكك والتفتت في بعض الدول يُلقي بظلاله على المشهد العربي في مجمله خاصة وأن الأزمات لا تعرف الحدود، وإنما تمتد آثارها السلبية من دولة إلى أخرى في صورة مخاطر أمنية وتهديدات إرهابية، فضلاً عن تفاقم مشكلة اللاجئين التي تُمثل واحدة من أخطر الأزمات التي ينوء بها كاهل الدول المستضيفة، وعلى رأسها لبنانوالأردن». وأشار إلى أن المشهد ليس قاتماً كله، اذ حمل العام الماضي بعض الأنباء المبشرة وعلى رأسها ما تحقق من انتصارات على جماعة الإجرام والتخريب المُسماة ب«داعش»، مؤكدا على ضرورة العمل على تحصين هذا الانتصار بالإسراع في إعادة الاعمار وتأهيل السكان الذين تعرضوا لشتى صنوف المعاناة، تمهيداً لعودة اللاجئين لأوطانهم والنازحين إلى ديارهم.