زادت نبرة انتقاد المعتصمين في ميدان التحرير وميادين أخرى في مصر، منذ تظاهرات يوم الجمعة الماضي، للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، فيما سرت مخاوف من حصار «مؤسسات الدولة» اليوم ضمن مسيرات يعتزم المعتصمون القيام بها إلى مقر الحكومة. واستمر آلاف في اعتصامهم في ميادين محافظات عدة، انتظاراً لتظاهرات حاشدة دعت إليها القوى السياسية اليوم في القاهرةوالسويس والإسكندرية، فيما بدا أن استمرار الاعتصام زاد من سقف مطالب الثوار، بحيث إن إجراء تغيير وزاري شامل وإقالة الضباط المتهمين بقتل المحتجين لم يعد يقنعهم وباتت إقالة رئيس الوزراء عصام شرف، الذي عُرف برئيس حكومة الثورة، مطلباً يتردد في مختلف الميادين. وأغلق المعتصمون في ميدان التحرير أمس لليوم الثاني على التوالي مجمع التحرير الحكومي الذي يعد أكبر المصالح الحكومية في مصر، وهددوا بتعطيل سير مترو الأنفاق الذي يمر في محطة رئيسية في الميدان، فيما دعا بعضهم إلى حصار مقر الحكومة والتلفزيون الرسمي اليوم. وحدد «ائتلاف شباب الثورة» خمسة مطالب لفض الاعتصام في ميدان التحرير، هي: إجراء تغيير وزاري شامل وإقالة نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل، تحديد اختصاصات المجلس العسكري ورفع يده عن الحكومة، إيقاف كل ضباط الشرطة والقناصة المتورطين في قتل الثوار ومحاكمتهم، محاكمة رموز النظام السابق سياسياً وجنائياً بصورة علنية، إلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وإطلاق سراح الثوار. وبدأ المعتصمون في تجميع توقيعات على بيان يطالب المجلس العسكري بتسليم الحكم إلى مجلس رئاسي مدني خلال فترة قصيرة، على أن يتولى المجلس العسكري حماية مطالب الثورة وتأمين عدم انحراف أي فصيل سياسي بأهدافها، وهو مطلب رفع في الأيام الأولى بعد تنحي مبارك، غير أنه توارى بعد ذلك. وبدا أن مسلسل التنازلات الحكومية بدأ، لكن الاستجابة المتأخرة لمطالب المعتصمين تجعلهم يصعِّدون من سقفهم، فعلى رغم ما تردد عن بدء رئيس الوزراء إجراءَ تغيير وزاري شامل يستهدف إقصاء وزراء محسوبين على النظام السابق، إلا أن إقصاء شرف نفسه بات مطلباً للمتظاهرين، كما أن تحديد صلاحيات المجلس العسكري لم يكن ضمن المطالب المرفوعة في «جمعة الثورة أولاً» وكذلك تشكيل مجلس رئاسي مدني. وفي محاولة منه لامتصاص غضب المعتصمين، قال شرف إن هناك حواراً يجري حالياً مع كل القوى الثورية لتلبية كل المطالب المشروعة، غير أن اعتصام الثوار بات يشكل معضلة أمام الحكم يقتضي حلها ما هو أكثر من التصريحات، وهو ما عبرّ عنه المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الدكتور محمد البرادعي، الذي أكد أن «الفجوة تزداد بين الشعب وحكامه، ولا بد من استجابة حاسمة وواضحة لمطالب الثورة». وعن تظاهرات اليوم، قال المنسّق الإعلامي لحركة «شباب 6 أبريل» محمد عادل، إن الحركة ستنظم مسيرة من إحدى المناطق الشعبية إلى ميدان التحرير ثم ينضم إليها المعتصمون في الميدان، حيث يتم التوجه إلى مجلس الوزراء من أجل رفع مطالب الثورة، مشيراً إلى أنه ليس من المقرر لقاء أي من مسؤولي الحكومة، و «سنبلغهم مطالبنا عبر الهتاف واللافتات». وأوضح عادل أنه ليس مرتباً فرض حصار على مقر الحكومة، مشيراً إلى أن «الحركة ستتصدى بالقوة لأي محاولة لحصار مؤسسات الدولة». وشدد على أن «حركة 6 ابريل» ترفض الدعوات إلى حصار الحكومة وإغلاق مترو الأنفاق. وقال: «رفضنا أيضاً غلق مجمع التحرير الحكومي لكن بعض قوى الاعتصام أصرّ على الغلق، وهذا الأمر ليس قرارانا وحدنا، لكن حصار مؤسسات الدولة سنتصدى له ولو بالقوة». وتتواجد آليات للقوات المسلحة داخل مقري الحكومة والبرلمان لحمايتهما، فيما يغيب الوجود الأمني حولهما. وألغى شرف زيارة كانت مقررة له إلى السودان أواخر الأسبوع بسبب الأحداث الجارية في ميدان التحرير. وكان عدد من موظفي وزارة العدل احتجزوا أمس وزير العدل المستشار محمد عبدالعزيز الجندي داخل سيارته ومنعوه من دخول مقر الوزارة ثم سمحوا له بالدخول بعد مفاوضات معهم. وفي محافظة السويس، دعا تكتل شباب السويس إلى المشاركة في مليونية «نصرة الثورة» اليوم أمام مبنى الإرشاد الخاص بهيئة قناة السويس، مشيراً إلى أن اعتصامات السويس لن تنفض حتى يتم تحقيق المطالب وعلى رأسها محاكمة قتلة المتظاهرين. وواصل المتظاهرون فى ميدان الأربعين اعتصامهم مطالبين بالقصاص من قتلة الشهداء. وفرضت قوات الجيش طوقاً أمنياً حول كل المنشآت الحيوية في المحافظة خصوصاً مكتب الإرشاد الخاص بقناة السويس. من ناحية أخرى، احتدم الخلاف بين جماعة «الإخوان المسلمين» وصحيفة «المصري اليوم» المستقلة، بعدما اختصمت الجماعة أمس رئيس تحرير الصحيفة مجدي الجلاد في دعوى قضائية اتهمته فيها ب «تعمّد نقل أخبار كاذبة عن الجماعة وتلفيقها، بهدف إثارة الرأي العام ضدهم وتشويه صورتها». وكانت جماعة «الإخوان» رفعت شعار مقاطعة جريدة «المصري اليوم» قبل شهر. وتقدم محامي «الاخوان» عبدالمنعم عبد المقصود ببلاغين إلى النائب العام أمس، اختصم فيهما رئيس تحرير جريدة «المصري اليوم» ورئيس تحرير مجلة المصور. وطلب فيهما اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة الاتباع بإحالة المشكو في حقهما على المحاكمة العاجلة بتهمة نشر أخبار بسوء قصد ما من شأنهما تكدير السِّلم العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة. في غضون ذلك، نفى مساعد وزير الصحة للطب العلاجي الدكتور عادل عدوي تدهور الحال الصحية للرئيس السابق حسني مبارك. وكذب ما تردد عن وضع مبارك على جهاز تنفس اصطناعي بسبب إغماءة أو فقدان للوعي، مؤكداً أن حالته الصحية مستقرة. من ناحية أخرى، تلقى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي المشير محمد حسين طنطاوي رسالة من أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تتعلق بالعلاقات بين البلدين. وذكر بيان صحافي لسفارة قطر في القاهرة أن القائم بالأعمال بالإنابة في السفارة أسامة القرضاوي سلم الرسالة إلى رئيس فرع العلاقات الخارجية في الأمانة العامة لوزارة الدفاع اللواء إبراهيم خلف أمس.