نصحت المؤسس والرئيس التنفيذي لبنك «غلف ون» الدكتورة ناهد طاهر دول الخليج، ولا سيما السعودية بفك ارتباطها بالدولار، والعودة لنظام الذهب بشكل تدريجي مع سلة عملات. وقالت ل«الحياة» على هامش أولى جلسات المنتدى التجاري الأول المنعقد حالياً في جدة: «إننا في حاجة إلى مزيد من البنوك التجارية المتخصصة، ولا سيما في ظل الأزمة العالمية الحالية، لتمويل المشاريع»، مشيرة إلى ان غالبية شركات السعودية عائلية وتمويلها داخلي، ما قلل من تاثير الأزمة فيها. وأضافت: «ترتب على الأزمة العالمية خسائر كبيرة للقطاع الخاص، وهو المصدر الأساسي لرؤوس الأموال الاستثمارية، كما تلاشى جزء كبير من ثروة الطبقة المتوسطة، وزادت كلفة الإقراض، ومن ثم كلفة تمويل المشاريع، إضافة إلى انخفاض الإقراض مع شح السيولة، وزادت نسبة الديون المعدومة، ومعدلات البطالة والتضخم الركودي»، موضحة أن الاستثمارات في البنية التحتية هي الأقل تأثراً بالأزمة وهي الأكثر استقراراً. وأوضحت أن دول الخليج ليست بمعزل عن الأزمة على رغم وجود بعض التأثيرات المحدودة، إذ شهدت أسواق المال انخفاضات حادة في مؤشرات أسواقها المالية، مع خروج الرساميل الأجنبية (الساخنة) بشكل كبير من دول مجلس التعاون وبعض الدول العربية الأخرى، وكان الأثر السلبي الأكبر هو انخفاض أسعار النفط، وسجلت أسواق المال العربية خسائر إجمالية وصلت إلى 224 بليون دولار، وكانت أكبر الخسائر من نصيب دول الخليج وبنسبة 80 في المئة، أي ما يعادل 140 بليون دولار. وشددت على أهمية التركيز على مشاريع الطاقة والبنية، وطالبت الشركات العائلية بوضع استراتيجيات جديدة تعتمد على التحالفات والاندماجات لمواجهة التحديات الجارية، مشيرة إلى أن الطبقة المتوسطة بدأت تتلاشى في دول الخليج، وهو مؤشر خطر يهدد اقتصاد المجتمع. من جانبه، سلط عضو مجلس الشورى المهندس أسامة بن محمد كردي في كلمته الضوء على أزمة التمويل في السعودية، مشيراً أن الإحصاءات التي صدرت أخيراً أوضحت أن المشاريع التي قامت السعودية بتنفيذها بلغت 300 بليون ريال، والمشاريع المتوقع تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة تبلغ مئات البلايين، وهذا ما يؤكد الحاجة الماسة إلى وجود بنوك محلية قادرة على تمويل مثل هذه المشاريع. وأشار كردي إلى أن المملكة بحاجة إلى وضع عدد من الإجراءات والتشريعات لدعم التمويل، مشيراً إلى أن هناك وسائل وطرقاً عدة لإمداد السوق بالسيولة الكافية لتمويل المشاريع المستقبلية، ومع الأزمة المالية تتعرض المصارف لضغط من مؤسسة النقد، لذلك تجب إعادة النظر في أساليب عملها بحيث تكون أكثر مرونةً في عملية التمويل والإقراض. من ناحيته، أكدت نائبة الرئيس التنفيذي لمجموعة الدخيل المالية خلود الدخيل ل«الحياة» في ورقة عمل أهمية توحيد جهود الجهات الحكومية لتوحيد النظام وإجراءات إصدار الأوراق التجارية، مشيرة إلى أن الانظمة متضاربة لدينا، ومسؤولية المشكلات تقع على وزارتي التجارة والمالية ومؤسسة النقد وهيئة السوق المالية، وليس وزارة التجارة فقط التي تحملها الغرف التجارية أكثر من طاقتها. من جانبه، تحدث وكيل وزارة التجارة للتجارة الداخلية حسان بن فضل عقيل عن نظام الشركات الجديد الذي يتم درسه حالياً، وقال إنه يعالج الكثير من حاجات القطاع الخاص، وهو حالياً معروض على مجلس الشورى. واعترف عقيل بوجود معوقات تحتاج إلى تعاون بين القطاعين الحكومي والخاص للتصدي لها، وقال: «هناك جهات تنفيذية وقضائية وتشريعية إضافة إلى القطاع الخاص تعمل على حصر هذه المعوقات لوضع الحلول المناسبة لها». وفي المقابل، دعا نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة أبو داود محمد أبو داود إلى إزالة العوائق والعقبات أمام المستثمرين، وقال: «استبشرنا خيراً عند إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى إلا أنه زاد الأمور تعقيداً، وأسهم في وضع المزيد من العراقيل والبيروقراطية أمام القطاع الخاص». وأشار إلى أن قطاع الخدمات من أهم القطاعات، وهو بحاجة إلى المرونة في التعامل مع مطالبه، إذ إن البلاد في حاجة إلى الكثير من المشاريع المهمة مع التزايد الكبير لعدد السكان. أما عضو مجلس الشورى الدكتور مجدي حريري فتناول دور الإجراءات الحكومية في جذب وتحفيز الاستثمار وقال: «حتى عهد قريب كنا نعاني من مشكلات عدة، وكان ترتيب المملكة متأخراً جداً في مؤشر جذب الاستثمار، ولكن الأمور تغيرت وأصبحت السعودية أكثر جذباً للاستثمار، واحتلت المركز ال18 على مستوى العالم وفقاً لتقرير منظمة «الأونكتاد»، كما احتلت المملكة المرتبة ال 35 في مؤشر التنافسية الشامل. وقال إنه يوجد في مجلس الشورى مجموعة من الأنظمة تحت الدرس، منها نظام الشركات الذي سيشهد تطويراً كبيراً، ويستوعب المستجدات الحديثة، وسبق أن درس المجلس الأنظمة المتعلقة بمنظومة العقار، وهي الآن تدرس بهيئة الخبراء، معترفاً بوجود مشكلات كبيرة تحتاج إلى حلول جذرية في عدد كبير من القضايا. من جانبها، شددت المدير العام للإدارة العامة للتواصل الإلكتروني بأمانة جدة الدكتورة أروى الأعمى على أن الحكومة الإلكترونية التي بدأ تنفيذها في عدد من الأمانات ستسهم في تحسين بيئة الاستثمار بالمملكة، وقالت: «التحول إلى حكومة إلكترونية ليس مجرد أتمتة للأعمال اليدوية والتعاملات الورقية، بل هو تحسين وتطوير للإجراءات». وبينت أن من أهداف الحكومة الإلكترونية أن تكون هناك بوابة الكترونية واحدة لأي مستثمر من خلالها يحصل على كل الخدمات الحكومية، والقدرة على الوصول لجميع الخدمات المتاحة في الجهات المختلفة، وتسديد الرسوم من تلك البوابة، وتتيح للمرأة الحصول على الخدمات بسهولة ويسر، إضافة إلى أنها تسمح للمستثمر الأجنبي الحصول على الخدمات بسهولة ويسر من أي مكان.