كلّما أصاب الناس مصاب ما، مثل انتشار مرض أو وباء، يخرج لنا من المستغلّين من يقومون باستغلال هذا الوباء لأغراض تجارية بحتة! بل والأدهى من ذلك، أن بعضهم يصبغون إعلاناتهم بصبغة دينيّة بحتة، تضمن لهم - كما يظنّون - طلباً متزايداً على سلعتهم التي يسوّقونها. قبل أيّأم، وصلتني رسالة نصّيّة تجاريّة، تطلب منّي أن أرسل رقم 1 على رقم معيّن، وذلك للاشتراك بخدمة معلومات طبّيّة لتقيني من مرض انفلونزا الخنازير، وكأن مرسلها يقول: «ترى إذا ما اشتركت... بتموت»... فقمت بمسح الرسالة، مع أنني متأكد من أن عشرات أو حتّى مئات الألوف ممن تسلموا هذه الرسالة، قد اشتركوا في الخدمة، التي تكلفهم في اليوم الواحد ريالات عدة، هم في هذه الأيام أحوج إليها من هذا الجشع الذي يسرق أموال الناس بهذا الخبث ويجمع الملايين في أيّام قليلة. الأدهى من ذلك، أقرأ الآن أمامي، إعلاناً في إحدى الصحف، مفاده التالي: «لا لا لا... للخنزير «مع صورة لخنزير عليه علامة ممنوع»، أكّدت دراسات علميّة بأن 70 في المئة من الأحذية المستوردة، تحتوي على جلد الخنزير! «ثم وبالبنط العريض وفي وسط الإعلان كلمة: نعم للجلد الحلال!» يا ساتر! الموضوع لم يعد إعلاناً تجارياً، بل أصبح استغلالاً واستغفالاً لعقول الناس، وذلك بإصدار فتوى شرعيّة، تحرّم جلد الخنزير»، وأنا لا أعلم إن كان استخدام جلد الخنزير حلالاً أم حراماً!» وتقديم رقم إحصائي «يؤكّد» أن 70 في المئة من الأحذية المستوردة تحتوي على جلد خنزير! «وأنا لا أعلم إن كان هذا الرقم الإحصائي صحيحاً، وما مصدره، ومن أحصاه، وكيف، ولماذا ومتى؟!»، أي أنّ 70 في المئة منكم أعزائي القرّاء كان يرتكب محرّماً كل يوم، وذلك للبسه جلد خنزير! «حسب معنى الإعلان». هذا الاستغلال الرخيص، أصبح يتكرّر في كل زمان ومكان! كنّا إلى وقت قريب نعتقد أن مثل هذا الاستغلال لمواطنينا، يتم بحقّهم في بعض الدول العربية، وغير العربيّة الني تمص دماءنا بلا هوادة، لسبب واحد فقط، هو أننا خليجيون «وعندنا فلوس!... إذ إن هذه تعد أحياناً جريمة يعاقب عليها القانون... وقريباً سيعاقب عليها الناي... والعود... والكمان، وباقي فرقة حسب الله... ولكن للأسف، أصبح الاستغلال يسري بحق من «عنده فلوس» ومن «لا فلوس عنده»، والأدهى من ذلك أيضاً، أن هذا الاستغلال الرخيص، لم يعد له من يتصدّى له من جهات رسميّة أو شعبيّة! أو على الأقل جهات دينيّة تتحرّى دقّة فتوى التحريم هذه! أنا أجزم، بأن الجهات الرسميّة المعنيّة في مثل هذه الإعلانات ووسائلها، لم تقم بواجبها تجاه هؤلاء النصّابين، ولو قامت بواجبها لما رأيناها تبزغ للنور، بجرأة ووقاحة وقبح، هي أقرب ما تكون من زمن مثل زمن الخنازير! التساؤل عن مدى خوف هؤلاء الناس من الله، أصبح وللأسف يُعد تساؤلاً من نوع الدقّة أو الموضة القديمة! فلم يعد أحد يستغرب عدم خوف هذه النوعيّة من البشر من خالقهم، ولكنّي أجزم أيضاً أن الله يمهل ولا يهمل، وأنّهم سيجدون في يوم من الأيام كل قرش حرام اكتسبوه باللعب على ذقون الناس «والبسطاء منهم خصوصاً» مال سحت يشهد على ما فعلوه من نصب واحتيال وأكل لحقوق الناس. قال ايش؟ قال نعم للجلد الحلال! لم يتبقّ إلا أن يقولوا حذاءنا خاص لمن يريد أن يدخل برجله اليمين! [email protected]