استدعت عودة التوتر بين الحكومة والمؤسسة العسكرية في تركيا وبلوغه الذروة، عقد لقاء أمس، بين رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ورئيس الأركان الجنرال الكر باشبوغ، تبرأ خلاله الجيش من «مخطط عسكري» لإطاحة الحكومة. وجاء اللقاء بعد بلبلة أثارتها صحيفة «طرف» المحلية منذ الجمعة الماضي بنشرها تفاصيل عن «المخطط»، مشيرة الى انه يستهدف أيضاً، تصفية جماعات دينية تحت ستار مواجهة «البؤر الرجعية المعادية للعلمانية». وأكد الجنرال باشبوغ لأردوغان أن لا علم لديه بالمخطط وأنه أمر بفتح تحقيق عسكري لكشف ملابساته والمتورطين المحتملين به، فيما طالب رئيس الوزراء رئيس الأركان بالتعامل بحزم مع الموضوع، مشيراً الى انه يحتفظ لنفسه بحق متابعة الملف قضائياً من خلال المحاكم المدنية. وأكد أردوغان خلال خطابه الأسبوعي أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، أنه لن يقف مكتوف اليدين أمام هذه «الخطط التي تهدف الى هدم الديموقراطية»، ورأى ان «أحداً لا يملك الحق في مصادرة إرادة الشعب التركي»، في إشارة الى تكرار الحديث عن مخططات «علمانية» لإطاحة حكومة حزبه ذي الماضي الإسلامي. وتعمد اردوغان خلال خطابه الثناء على رئيس الأركان وتبرئته، لكنه أكد أن «على المسؤولين المخلصين الحرص على المؤسسات والتعامل بحزم مع كل من يحاول تشويه سمعتها أو مخالفة القانون». في المقابل طالبت المعارضة القومية بكشف ملابسات الحادث وتنحية رئيس الأركان إذا ثبت تورطه بالمخطط أو علمه به، فيما رجح حزب الشعب الجمهوري (العلماني) المعارض أن تكون الوثائق المنشورة في هذا الشأن مزورة. وكانت صحيفة «طرف» نشرت وثائق عسكرية لتقرير وضعه أحد ضباط قوات البحرية، ويدعى دورسون تشيشيك، يتهم الحكومة بالتعاون مع جماعة فتح الله غولان الدينية والعمل ضد النظام العلماني. وتضمن التقرير خطة لتطويع وسائل الإعلام التركية، من أجل بث أخبار تشوه سمعة الحكومة وتتهمها بالتطرف الديني. كما توصي الخطة بإخفاء أسلحة في مراكز ومؤسسات تابعة لجماعة غولان والإبلاغ عنها، من أجل توجيه تهمة الإرهاب الى الجماعة وكشف العلاقة بينها وبين حكومة أردوغان. وكان الضابط تشيشيك وضع تقريراً سابقاً العام 2006 صنّف فيه وسائل الإعلام والصحافيين والمؤسسات الاقتصادية ومؤسسات المجتمع المدني في تركيا، بين صديق أو عدو للجيش، وأوصى بتوثيق التعاون مع الأصدقاء وتصفية الأعداء، لإعادة توجيه المجتمع التركي نحو تطلعات مؤسس الدولة العلمانية مصطفى كمال اتاتورك. وأقر رئيس الأركان في حينه الجنرال يشار بيوك انيط بوجود ذلك التقرير، لكنه اعتبره تقريراً داخلياً يخص الجيش. ولم توجه آنذاك اتهامات للضابط الذي تبيّن أنه أعد التقرير بناء على «توجيهات عليا». ويثير التقرير الجديد تساؤلات كثيرة أهمها يتعلق بتركيبة الجيش التركي ووجود ضباط وجنرالات يعملون لحسابهم ضمن جماعات، من دون علم رئيس الأركان، إضافة الى وجود نية لإطاحة الحكومة، وذلك من خلال ما كشف من مخططات كان آخرها ما عرف بشبكة «ارغينيكون».