اتركوا عنكم الردود الفلسطينية واللبنانية والسورية والاردنية على موضوع حق العودة في خطاب نتانياهو. العرب ليسوا على قلب رجل واحد في هذه القضية. غضبة هؤلاء ليست بظاهرها. كل له غاية وهدف. كلهم يدرك، وعلى رأسهم السلطة الفلسطينية، ان حق العودة أصبح شرطاً لقيام الدولة الفلسطينية، ولم يعد مطروحاً للحل والتفاوض. والسلطة الفلسطينية باتت منسجمة إلى حد بعيد مع الموقف الإسرائيلي في هذه القضية، ومقتنعة باستحالة الموافقة على دولة فلسطينية مع ضمان حق العودة، لكنها تنكر الإفصاح عن موقفها لأنها لا تملك الحل بمفردها، فالتوطين يحتاج إلى قرار عربي. خطاب نتانياهو ألغى ما عرضه باراك على الرئيس الراحل ياسر عرفات في كامب ديفيد العام 2000، يومها اتصل الرئيس بيل كلينتون بالرئيس اللبناني وسأله عن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فأجاب أن عددهم 190 ألفاً، فوافق باراك على عودتهم إما إلى إسرائيل أو الضفة الغربية. انها الحكاية ذاتها تتكرر، ومثلما ضاعت الأرض سيضيع حق العودة. ولا جديد في موقف العرب سوى ان نتانياهو اعادهم الى مرحلة الشعارات، فضلاً عن ان العرب قبلوا بمشروع السلام، وهم يدركون ان حق العودة جزء من المساومة، فعلام الصياح الآن؟ لا شك في اننا لن نجني من هذا التكاذب حول حق العودة سوى الاستمرار في تجاهل أوضاع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والظروف المعيشية والإنسانية الموحشة التي يعيشها المواطن الفلسطيني في لبنان وسورية والأردن، وعزله في مخيمات تفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم، بحجة المحافظة على حق العودة. وهو شعار سياسي للتسويف، ولا بد من التعامل معه في شكل جدي، فترك الفلسطينيين في هذه الأوضاع لن يقرّب حق العودة، انها كلمة حق لأهداف سياسية وطائفية. الأكيد أن اللبنانيين والأردنيين والسوريين غاضبون من خطاب نتانياهو، ونحن غاضبون ايضاً. لكننا لا يمكن ان نقبل هذا الغضب مجاناً. وعلى هذه الدول، اذا كانت تريد نغضب معها ونصدقها ونقف الى جانبها، ان تعاود النظر في اوضاع المخيمات. أما ان تستمر في إطلاق شعارات النضال من أجل حق العودة على حساب كرامة المواطن الفلسطيني فهذا مرفوض. ومن يعتقد بأن التوطين يضر بتركيبته السكانية وسيادته، عليه ان يدفع ثمنا مقابل ذلك. فنحن امضينا ستين عاماً من اجل حق العودة، ولم نحصد سوى تدمير الانسان الفلسطيني، وليس لدينا استعداد ان نقضي ستين عاماً اخرى في اهانة الفلسطينيين من أجل شعارات ومزايدات.