تراجعت العملة الإيرانية إلى أدنى مستوى أمس، إذ تجاوز سعر صرف الدولار 50 ألف ريال للمرة الأولى، وسط مخاوف من انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست عام 2015، وإحيائها عقوبات مسّت الاقتصاد الإيراني. وخسرت العملة نحو ربع قيمتها خلال الأشهر الستة الأخيرة، ليبلغ الدولار 50860 ريالاً في السوق المفتوحة، علماً أن سعر الصرف الرسمي يبلغ 37686 ريالاً. واتخذت الحكومة الإيرانية تدابير صارمة لوقف هذا التراجع في السوق المفتوحة، إذ اعتقلت متعاملين بالعملات الأجنبية، وجمّدت حسابات «مضاربين»، ورفعت معدلات الفائدة، فيما اشترت ملايين من الدولارات سعياً الى الحدّ من ارتفاع العملة الأميركية. لكن طوابير طويلة شوهدت خارج أسواق صرف العملات الأجنبية في طهران، لمناسبة عطلة رأس السنة الفارسية (نوروز). وقال إسفنديار باتمانقليج، مؤسس «المنتدى الأوروبي – الإيراني»، وهو شبكة تُعنى بالمال والأعمال: «المسألة نفسية أكثر منها اقتصادية. لا سبب لشراء الدولارات إلا الأمل بأنك ستتمكّن من بيعها لاحقاً بسعر أعلى». ووضع الأمر في إطار ردّ فعل على تعيين الرئيس الأميركي دونالد ترامب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) مايك بومبيو وزيراً للخارجية، وجون بولتون مستشاراً للأمن القومي في البيت الأبيض، وهما متشددان إزاء طهران. ولفت الى أن انهيار العملة سيُبعد مستثمرين محتملين، يواجهون أصلاً عراقيل كبرى نتيجة عقوبات أميركية ليست مرتبطة بالملف النووي، وزاد: «إذا استثمرت الآن وانخفضت العملة 15 في المئة، سيكون عليك خصم ذلك من عائداتك، وهذا أمر يصعب اتخاذ تدابير وقائية في شأنه. ذلك سيكون صعباً بالنسبة الى الحكومة». وشكا مسؤولون إيرانيون تكديسَ مواطنين بلايين الدولارات، فيما تعاني المصارف نقصاً في السيولة. وحاولت تلك المصارف مواجهة ذلك بعرض معدلات فائدة تبلغ 20 في المئة على المدخرات، لكن ذلك أثار مشكلات أوسع في الاقتصاد، إذ جعل المستثمرين يمتنعون عن توظيف أموالهم في المشاريع. وقال المحلل المالي في طهران نافيد كلهور: «أرى كثيرين يتطلّعون إلى الاستثمار في دول الجوار، نتيجة المخاوف المتعلّقة بمستقبل الاتفاق النووي. لديّ أصدقاء يتوجّهون إلى المصارف ويطلبون 15 أو 20 مليون ريال (300 أو 400 دولار)، ويُطلب منهم العودة بعد أسبوع لنقص السيولة. وضع الاقتصاد ليس رائعاً».