أعرب رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد عن استعداده للتضحية بمنصبه على رأس الحكومة في سبيل المضي قدماً في الإصلاحات الاقتصادية الكبرى، فيما تشهد الساحة السياسية والاجتماعية جدلاً حول نية الحكومة بيع مؤسسات عامة لسد العجز المتفاقم في موازنة الدولة. وألقى الشاهد كلمة أمام البرلمان أمس، قال فيها إن «الإصلاحات الاقتصادية الكبرى يجب أن تمضي قدماً وبسرعة، بخاصة في ما يتعلق بالمؤسسات العامة والتي سيكون بيعها لسدّ عجز الموازنة»، مشدداً على أنه سيمضي في هذه الإصلاحات حتى لو كلفه ذلك منصبه على رأس الحكومة. وكشف الشاهد في جلسة حوار بين الوزراء والنواب، تعرضه لضغوط قوية من المعارضة والنقابات التي تتهمه بالفشل في مجال الإصلاحات الاقتصادية. وأضاف: «لن أقبل بالحفاظ على منصبي لأكون شاهد زور على مزيد من التأجيل لإصلاحات ضرورية لإنقاذ الاقتصاد التونسي». وتأتي تصريحات الشاهد في ظل رفض النقابات والمعارضة وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل خطط بيع المؤسسات العامة مقابل ضغوط يمارسها المقرضون الدوليون للحضّ على بيعها. وأوضح رئيس الوزراء أن «عجز المؤسسات العامة بلغ 6.5 بليون دينار (2.72 بليون دولار) ويتعين حثّ الخطى في تنفيذ خطة لهيكلة هذه الشركات». في سياق متصل، اتهم الشاهد «بعض الأطراف» بالمراهنة على الحرب بين حكومته واتحاد الشغل (أكبر منظمة اجتماعية في البلاد)، مشيراً إلى أن «الأطراف التي تريد رحيل الحكومة يراودها حنين إلى الدكتاتورية وانتابها شعور بأن حرب الحكومة على الفساد خطر عليها وهي تريد إفشال المسار الانتقالي والانتخابات البلدية». وأوضح أن «بيع بعض الشركات في قطاعات غير حيوية قد يكون حلاً جيداً لضمان التوازنات العامة للدولة»، نافياً في المقابل وجود أي خطط لبيع شركات عامة إستراتيجية على غرار الكهرباء والغاز والمياه. وبدأ اتحاد الشغل مشاورات سياسية ماراثونية للتصدي لعملية بيع مؤسسات عامة حيث سيطلق حملة مضادة لخطة الشاهد. وصرح الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي أن «بيع المؤسسات العامة خط أحمر لا يمكن تخطيه». إلى ذلك، أعرب الشاهد عن رغبة حكومته في إيجاد توافق حول الإصلاحات، مشيراً إلى أنه «لا يمكن التأخر أكثر في هذه الإصلاحات بل يحب التحرك فيها بسرعة لأن كلفة الإصلاح باهظة ولكن كلفة اللاإصلاح أغلى بكثير»، مضيفاً أن الإصلاحات تطاول أيضاً الصناديق الاجتماعية وسيُرسَل مشروع قانون خاص بها إلى البرلمان قريباً، وسيكون الأسبوع المقبل، آخر موعد للتشاور في شأنها. ويعاني الاقتصاد التونسي من تدهور كبير وأزمات متتالية منذ ثورة كانون الثاني (يناير) 2011 ما أسفر عن عجز متفاقم لموازنة الدولة وارتفاع نسب المديونية والتضخم وتراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وتضغط الجهات المقرضة الدولية على الحكومة التونسية لتسريع وتيرة الإصلاحات الكبرى في قطاعات عدة كشرط لمنح القروض.