تلقى التغييرات والتعيينات التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في إدارته، صدى واسعاً في بغداد التي تنشغل أوساطها السياسية بتقدير انعكاسات القرارات تلك على الوضع العراقي، خصوصاً لجهة العلاقة الأميركية المتوقعة من الحكومة الحالية. وكان ترامب أعلن ليل الخميس إقالة مستشاره للأمن القومي هربرت ماكماستر، وتعيين خلف له هو سفير واشنطن السابق لدى الأممالمتحدة، جون بولتون الذي عرِف بمواقف متشددة من إيران وذلك بعد أيام على إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وتعيين مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي أي» مايك بومبيو بديلاً منه. ولدى الأطراف السياسية العراقية الأكثر قرباً من إيران قلق من المتغيرات، خصوصاً أنها تأتي وسط تكهنات بتصعيد واشنطن موقفها من مراجعة الاتفاق النووي مع طهران. وعلى عكس السياق التقليدي لسياسة إيران تجاه العراق، خصوصاً عملية تشكيل حكومته المقبلة، إذ كانت لطهران اليد الطولى في تشكيل الحكومة الحالية، وفرض المقربين منها في مفاصلها، فإن هذه الأوساط تتوقع أن تتخذ إيران موقفاً أقل تشنجاً في التأثير في الحكومة المقبلة. وتعتبر تلك الأوساط أن «جزءاً من مطبخ القرار الإيراني يرغب في حليف عراقي يساعد في الحوار مع واشنطن، وأن رئيس الحكومة حيدر العبادي أفضل من يمكن أن يتصدى لهذه المهمة». في المقابل تعتقد الأطراف الأكثر تشدداً والمقربة من المرشد علي خامنئي و «الحرس الثوري» بأن السيطرة على الحكومة العراقية المقبلة، عبر مقربين منها مثل هادي العامري أو نوري المالكي، «تضمن توسيع دائرة الصراع المتوقع مع أميركا واستخدام العراق ساحة». لكن أوساطاً مقربة من حكومة العبادي، ترى أن الأخير يمكن أن يكون خياراً أميركياً إيرانياً- عربياً، للمرحلة المقبلة، تعكس قلقاً من نوع آخر، يذهب إلى أن واشنطن قد تطلب من أي رئيس حكومة في العراق أن يحدد موقفاً واضحاً من الصراع، وهو «أمر يصعب أن يقدم عليه العبادي الذي «عرف كرجل توازنات». إلى ذلك، تعرب القوى الكردية خصوصاً في الحزب الديموقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) عن سعادتها بتعيين بولتون المعروف بدعمه حكومة إقليم كردستان، وتتوقع أن يساهم هذا التعيين في تغيير المعادلة التي فرضتها سياسة العبادي على الأكراد بعد استفتائهم على الانفصال، وهو الاستفتاء الذي أعرب بارزاني عن مرارة إزاء موقف إدارة ترامب منه، ودعمها مواقف بغداد. القلق العراقي كان عبّر عنه أيضاً محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي الذي توقع في تغريدة تحول العراق إلى ساحة صراع دموي بين إيران وأميركا. ووفق توقعات مراقبين، فإن خريطة واسعة من القوى الصغيرة التي يراوح عدد مقاعدها بين 10-40 مقعداً من 329 مقعداً في البرلمان ستشكل المجلس النيابي، وأن اجتماع هذه القوى لتشكيل حكومة سيخضع لحسابات ومفاوضات طويلة، وتنقلات للنواب الجدد بين القوى التي رُشِحوا معها، ما يفتح الباب لتدخل إيراني وأميركي واسع في حسم بناء الائتلافات السياسية.