لم يكتف منتخب البوسنة والهرسك بالتأهل لنهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه، بل يحلم بتخطي الدور الأول من المونديال المقبل وكتابة صفحة مجيدة في تاريخه الحديث. تعول البوسنة والهرسك على لاعبين يمتلكون مواهب كبيرة موزعين على أبرز الأندية الأوروبية، على غرار إدين دجيكو مهاجم مانشستر سيتي الإنكليزي، وداد إيبيسيفيتش مهاجم شتوتغارت الألماني، وميراليم بيانيتش لاعب وسط روما الإيطالي. وأطلق المدرب صفوت سوزيتش مطلع أيار (مايو) الماضي شعار التأهل من الدور الأول، حينما قال: «يجب أن يكون لدينا هدف، وهدفنا التأهل للدور الثاني، وفي مجموعتنا (السادسة) منتخب الأرجنتين، وهو المرشح المطلق، لذا سننافس على المركز الثاني مع نيجيريا وإيران، لكن أعتقد بأننا نملك كل الحق في التأهل بين أفضل 16 منتخباً في البرازيل». يعول سوزيتش على دجيكو وإيبيسيفيتش، ثاني وثالث أفضل هداف في التصفيات الأوروبية ب10 أهداف وثمانية على التوالي، إضافة إلى «الماهر» بيانيتش الذي مدد عقده أخيراً مع روما حتى 2018، لكن هل سيكون منتخب «التنانين» بالفعل قادراً على خلق المفاجأة؟ فالمدرب سوزيتش يعترف بوجود بعض الثغرات: «لا نعرف حقاً ما هو حجم قوتنا، فلم نفز حتى الآن على أي منتخب كبير». الخسارات الأقسى أمام منتخبات من الطراز الرفيع وقعت أمام البرتغال مرتين في مباريات الملحق قبل مونديال 2010 وفي كأس أوروبا 2012. ويقر سوزيتش الذي تسلم مهامه في كانون الأول (ديسمبر) 2009، «ينبغي أن نكون قادرين على الزج بتشكيلتين في المونديال، وأن يكون لدينا 22 أو 23 لاعباً من نوعية عالية، ففي الوقت الحالي لا نملك هذا الترف». وكانت البوسنة والهرسك حصلت على استقلالها عام 1992، لكنها منقسمة إثنياً بين الصرب الكروات والمسلمين، إذ عانت كرة القدم أعواماً عدة من تردي الحال السياسية قبل أن تنفرج في نهاية 2012، فأصبحت تقدم نوعية كروية صافية بدلاً من انقساماتها. يقول إيفيكا أوزيم المدرب المعروف والذي اختاره الاتحادان الدولي والأوروبي عام 2011 ضمن «لجنة تطبيع» لأجل إحلال الهدنة داخل الاتحاد البوسني الممزق بخلافاته الداخلية على غرار البلد بأكمله: «بدأ تشيرو (المدرب ميروسلاف بلازيفيتش بين 2008 و2009) واستمر سوزيتش بنهج اختيار التشكيلة بناء على نوعية اللعب وليس الانتماء الإثني». أوزيم الساخر، إلا أنه صاحب الرأي المحترم في البلاد، انتقد أخيراً «نجوم المنتخب» بغية التخفيف من التفاؤل المخيم، «هؤلاء الذين يعتقدون أنفسهم لاعبين من الطراز العالي ليسوا كذلك، فالأول بطيء، والثاني في حاجة إلى ثلاثة رفاق كي يهيئوا الكرة له، فلا نملك لاعباً سريعاً قادراً على اختراق صفوف الخصم». لكن بالنسبة إلى الشعب البوسني، يعتبر البعض التأهل للمونديال بمثابة إنجاز كبير، فيقول المعلق المعروف صلاح الدين توبالبيسيريفيتش: «آمنا بذلك أعواماً مثل الأطفال، فهذه أجمل لحظة للبلاد، وفرصة تاريخية كبرى بعد الفشل في تصفيات عدة». وكانت مسيرة منتخب البوسنة والهرسك جيدة في التصفيات، إذ فازت ثماني مرات من أصل 10 مباريات، وتميزت بهجوم لا يرحم، بلغت أهدافه 30 هدفاً، إضافة إلى دفاع صلب استقبل ستة أهداف فقط، فكان فارق الأهداف حاسماً في التأهل المباشر، لتساوي المنتخب البوسني بالنقاط مع نظيره اليوناني.