بعدما طوى الفنانون المصريون، ومعهم الجمهور، مرحلة القوائم السوداء والبيضاء، والتي حملت أسماء معارضي ومؤيدي الثورة في مراحلها الأولى، يقف هؤلاء الفنانون على أعتاب حياة سياسية تعددية جديدة تعيشها مصر الآن، وينخرط الكثير منهم في العمل السياسي، إما من خلال حركات سياسية وأحزاب كانت موجودة منذ ما قبل «ثورة 25 يناير»، أو بالاشتراك في تشكيل أحزاب سياسية جديدة. ويختلف الفنانون المصريون في قناعاتهم بالعمل السياسي المباشر الآن، ففي حين يفضل بعضهم الانخراط بقوة في السياسة، يختار البعض الآخر الانتظار، بل قد يؤثر الاستقلالية التامة والحياد مع الركون إلى العمل الفني باعتباره أيضاً عملاً في الشأن العام وربما يكون أكثر فعالية في رأي هؤلاء. وإذا كان الفنان خالد الصاوي انخرط فعلياً في الحياة السياسية الجديدة، كونه من مؤسسى «حزب التحالف الشعبي» الهادف إلى ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية وإقامة دولة مدنية تتساوى فيها الحقوق بين المواطنين، فإنه يدعو زملاءه الفنانين إلى الارتباط بالعمل السياسي لخدمة البلاد. ويقول الصاوي: «نعيش عصر الحرية ولا بد من انخراط الفنان في المجتمع الذي يعيش فيه، ويشارك في صنع مستقبله، خصوصاً في الظروف التي تمر بها مصر، علماً بأن لدي خلفية سياسية وكنت على دراية بما كان يحدث في العهد السابق من مخالفات وفساد، وحاولت الإصلاح قدر استطاعتي». وأشار الصاوي إلى مشاركته في حركة «كفاية»، وحركة سياسية احتجاجية نشطت ضد مبدأ التوريث واحتجاجاً على الضعف والهزال الذي كانت عليه أحزاب المعارضة قبل ثورة 25 يناير. وقال إن «كفاية» نشطت «في ظل مجتمع سياسي كان يهمش دور الأحزاب، وسأدعو في المرحلة المقبلة كل الأدباء والإعلاميين والمثقفين للمشاركة في عضوية أحزاب سياسية لنعيد بناء مصر». وبعد مشاركة الفنان عمرو واكد في التظاهرات التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، سرعان ما شارك في تأسيس «حزب الجبهة القومية للعدالة والديموقراطية»، ويقول إن «نجاح الثورة كان الدافع إلى تأسيس حزب الجبهة الذي يتوخى الحفاظ على هذا النجاح». ويلفت إلى أن معظم المشاركين في الثورة لم ينتموا إلى حزب سياسي محدد، «ما يؤهل حزب الجبهة لأن يكون همزة الوصل بين شباب الثورة والمسؤولين المصريين والأحزاب الأخرى الموجودة على الساحة». وعلى عكس الصاوي وواكد، يختار الفنان أحمد السقا الابتعاد عن الحياة السياسية في الوقت الحالي، ويقول إن الوضع السياسي لم يستقر بعد، والأفضل الانتظار. أما الفنان نور الشريف، فيعتبر أن الفنان حزب بمفرده، «الفنان يشارك في صنع الأحداث السياسية من خلال أعماله». ويذكّر الشريف بأنه كان أحد أعضاء الحزب العربي الناصري، لكنه ابتعد عنه وفضّل التعبير عن رأيه السياسي من خلال أعماله الفنية، مثل أفلام «زمن حاتم زهران»، «الكرنك»، و «بئر الخيانة». ويؤجل الفنان هاني سلامة قرار المشاركة في الأحزاب السياسية في الوقت الحالي، ويقول إنه «في مرحلة البحث عن حزب سياسي هادف يعمل على النهوض بمصر. لا غرابة في الحزبية ولا تعارض مع دور الفنان، فمعظم الفنانين في العالم ينتمون إلى أو يؤيدون أحزاباً سياسية». وترفض الفنانة إلهام شاهين المشاركة في الحياة السياسية، مبررة ذلك بعدم خبرتها في السياسة، «وهذا كافٍ كي لا أنتمي إلى أي من الأحزاب السياسية التي يتم تأسيسها حديثاً أو تلك الموجودة فعلياً»، مشددة، من جهة ثانية، على قناعتها بأن انتماء الفنان إلى حزب لا يؤثر في نجوميته. ويرى الفنان أشرف ذكي أن المشاركة الأفضل للفنانين تكون من خلال نقابتهم، «فهناك فنانون لا يفقهون شيئاً في السياسة، لكنهم يشاركون برأيهم ويضللون الآخرين، ويملك آخرون خلفية سياسية، لذلك لا بد أن يشارك الفنان في الحياة السياسية من خلال النقابة، ليكون للنقابة دور في صنع الحياة السياسية خصوصاً بعد ثورة يناير التي غيرت مصر إلى الأبد».