تفيض مسيرة عائشة الشبيلي بالعطاء والتضحيات، وهي تؤمن بأن تمكين المرأة هو تمكنها من بناء وتنمية مجتمعها، وعرفت ببرامجها التنموية في تأهيل الأرامل والمطلقات وذوي الدخل المحدود واليتيمات ومستفيدات الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية لصنع الأثاث والخياطة، واشتهرت أيضاً بمبادراتها الوطنية لدعم المرابطين على الحدود الجنوبية. وبرهنت الشبيلي أن قوة المرأة تنطلق من إرادتها الفاعلة في نهضة مجتمعها، وتسخير كل قدراتها بما يعزز تلك الانطلاقة، فمنذ سنوات وهي تطمح إلى إنشاء مصنع نسائي لتصنيع الأثاث، وتأسيس جمعية حرفية ليصبح ذلك الطموح حقيقة. وقالت ل«الحياة» التي التقتها في حديث تناول بداياتها في المجال المهني كالتأثيث والتطريز: «كانت البداية منذ الصغر في مدينة تبوك، إذ كان والدي يعمل في القطاع العسكري، وكان يمارس مهنة تصنيع الأثاث، واكتسبت منه تلك المهارات والمهن، وتعلمت منه النجارة والتنجيد، وعندما كبرت وانتقلت إلى منطقة جازان، افتتحت مشغلاً صغيراً لصنع الاثاث للزبائن، ولكن لم أجد نفسي في هذا المجال، إذ وجدت أنني امتلك طموحات وعطاء كبيراً ورغبة في خدمة الفتيات وإكسابهن هذه المهن والمهارات، فاتجهت إلى المجال التنموي من خلال افتتاح مراكز تدريبية على نفقتي الخاصة لصنع الاثاث والخياطة في جميع المحافظات والقرى والجزر في منطقة جازان، واستهدفت في هذه البرامج التنموية فئة الارامل والمطلقات وذوي الدخل المحدود واليتيمات ومستفيدات الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية، وذلك لتمكينهن من مهن تكفيهن الحاجة والسؤال». وعما حققته من إنجازات على مستوى دعمها المرأة في جازان، ذكرت «قدمت برامج تدريبية مجانية مهنية في تصنيع الاثاث في محافظات وقرى عدة، إلى أن وصل عدد المستفيدات من الدورات التدريبية على مدى أكثر من 10 سنوات إلى أكثر من 500 فتاة وسيدة من مختلف المستويات التعليمية، إضافة إلى عمل معارض وخيم مجانية لعرض منتجات المتدربات الخريجات والاسر المنتجة وتسويقها وبيعها». مضيفة: «أصبح لفتيات جازان الريادة في مجالات مهنية من النادر أن تعمل بها المرأة في المملكة والخليج، ليصبحن أول نساء يمارسن النجارة والتنجيد، في الوقت الذي عزف عن هذه المهن الشبان، والفضل يعود إلى التدريب المجاني، الذي يقوم على أساس تمكين المرأة السعودية من مهن تجد فيها الفرصة للعمل وتغيير واقعها إلى الأفضل». وتطرقت الشبيلي إلى ما واجهته من تحديات طوال مسيرتها في هذا المجال، «كان الجانب المادي تحدياً كبيراً أمامي، وحاولت بقدر الإمكان توفير كل ما تحتاج إليه المتدربات والتدريب، ودفعني ذلك إلى بيع كل ما أملكه من مجوهرات وعقارات وغيره حتى أستطيع تأمين ما يحتاج إليه التدريب من خامات وإيجارات ومكافآت للمدربات، وغيره من الحاجات الضرورية». وأضافت: «شكل الدعم المعنوي، الذي حظيت به من أمير منطقة جازان ونائبه، تشجيعاً لي لتجاوز تلك التحديات، وذلك من خلال تسهيل الإجراءات والأمور التي أحتاج إليها لتنفيذ البرامج التنموية التي يقدمها مركز إبداع المرأة السعودية». مبادرات وطنية أطلقت الشبيلي مبادرات وطنية لدعم الجنود المرابطين في «الحد الجنوبي»، إيماناً منها بأن «الواجب الوطني هو مسؤولية كل فرد ينتمي إلى هذه البلاد، وهو تعبير عن تقدير فتيات مركز إبداع المرأة السعودية لجنودنا البواسل وتضحياتهم العظيمة، في سبيل ردع المعتدين وحماية أمن هذا الوطن المعطاء». وشملت المبادرات توزيع منتجات ومصنوعات من قطع الأثاث أنتجتها بنات المركز. وانطلقت مبادرتها الأولى لدعم المرابطين في «الحد الجنوبي» عام 2017. والمرحلة الثانية للمبادرة لدعم المرابطين عام 2018. جوائز محلية وعالمية كانت مسيرة عائشة الشبيلي الطويلة في مجال التنمية والأعمال والبرامج الخيرية والتنموية حافلة بإنجازات عدة، توجت مرحلة عطائها في خدمة المجتمع والوطن، بنيلها جائزة أمير منطقة جازان محمد بن ناصر بن عبدالعزيز للأداء المميز عام 2009، ثم جائزة الملك خالد لشركاء التنمية عام 2014، وتشرفت بتسلم الجائزة من يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجائزة الأمير عبدالعزيز بن عبدالله العالمية لريادة الأعمال، عن أفضل ابتكار في مجال المسؤولية الاجتماعية عام 2015. إضافة إلى جائزة «اجفند» الدولية الأولى على العالم على مستوى الأفراد في مجال مكافحة البطالة بأوساط الشباب، وكان التكريم في مقر الاممالمتحدة بجنيف عام 2017. وجائزة تحدي الريادة الاجتماعية، التابعة لهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)، وبرنامج «تسامي» عام 2017. إنشاء أول مصنع نسائي لتصنيع الأثاث حققت الشبيلي الحلم الاكبر، بدعم الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، التي وقعت مذكرة تفاهم مع إبداع المرأة السعودية، لإنشاء مصنع نسائي في منطقة جازان يسهم في خلق فرص عمل نسائية في مجال الحياكة والمفارش والأثاث المنزلي لذوي الدخل المحدود، من طريق التدريب المجاني، إذ سيستفيد من هذا المركز أسر الشهداء، ودور الأيتام، وذوو المساجين، وسيخدم أكثر من 18 محافظة في منطقة جازان، ويشمل تدريب 150 من الفتيات السعوديات سنوياً، وتأهيلهن تأهيلاً متقدماً ينتهي بالتوظيف. وقالت: «سعينا لأن يكون هذا المصنع خطوة في الاتجاه الصحيح لدعم هذه الكوادر التي دربها المركز على مدى أكثر من 10 سنوات من الكفاح والعطاء اللامحدود، والاستمرار في تأهيل مزيد من الكوادر وتأهيلهم لسوق العمل، والحرص على دعم قطاع الحرف». تأسيس جمعية لرعاية الحرفيات حرصت الشبيلي، من خلال تأسيسها جمعية «الأنامل المبدعة» على أن تمارس طموحاتها وتحقق برامجها التنموية تحت مظلة جمعية مهنية تقدم من خلالها كل الدعم والتمكين للسيدات، وعلى وجه الخصوص الحرفيات، إذ تسعى من خلال الجمعية إلى رعاية الحرفيات وتنظيم جهودهن وتدريبهن التدريب الاحترافي ذي الكفاءة العالية، حتى تصبح منتجاتهن ذات جودة عالية، إضافة إلى تسويقها التسويق الأمثل داخلياً وخارجياً، لتعزيز الصناعة الوطنية، وهناك برامج هادفة وشراكات طموحة وقوية ستحققها الجمعية. ومازال هاجس رائدة الإبداع عائشة الشبيلي أن تحقق برامج وفعاليات تنموية فاعلة في المجتمع، تتعدى التفكير والطموح، لتستهدف النساء في القرى النائية والجبال البعيدة، والاهتمام بالمنتج الحرفي وتطويره في شكل احترافي، وتقديمه وتسويقه في شكل جميل وجذاب، متفائلة أن هذا القطاع سيشهد نمواً لحضور المرأة الفاعل فيه.