أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «حرباً ديبلوماسية - اقتصادية» على موسكو، وجمّدت الاتصالات الثنائية، ودعت مجلس الأمن إلى جلسة طارئة لإطلاعه على ملابسات محاولة اغتيال «العميل المزدوج» الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في إنكلترا، والتي اتهمت موسكو بتنفيذها. في المقابل، اعتبرت روسيا أن بريطانيا «اختارت المواجهة»، متعهدة رداً سريعاً. وأبلغ ديبلوماسي روسي «الحياة» أن ردّ موسكو «سيكون متكافئاً وربما أكبر». وقالت ماي إن سكريبال وابنته أُصيبا بغاز «نوفيتشوك»، وهو غاز أعصاب مخصص لأغراض العسكرية يعود الى الحقبة السوفياتية. وطلبت من روسيا توضيح إن كانت مسؤولة عن الهجوم، أم فقدت سيطرتها على مخزونات من هذه المادة الشديدة الخطورة. وأضافت أمام مجلس العموم (البرلمان) البريطاني: «ليست هناك نتيجة أخرى سوى أن الدولة الروسية مسؤولة عن محاولة اغتيال (سكريبال وابنته). هذا يشكل استخداماً غير مشروع للقوة من الدولة الروسية ضد بريطانيا». وتابعت في إشارة الى الروس: «ردّهم ينمّ عن استخفاف تام بجسامة هذه الأحداث. تعاملوا مع استخدام غاز أعصاب مخصص لأغراض عسكرية في أوروبا، باستهزاء واحتقار وتحدٍ». وزادت بعد ترؤسها اجتماعاً لمجلس الأمن القومي البريطاني «كوبرا»: «ستطرد المملكة المتحدة 23 ديبلوماسياً روسياً، بموجب اتفاق فيينا، عُرِفوا بأنهم ضباط استخبارات سرّيون. هذه أضخم عملية طرد ديبلوماسيين من لندن منذ 30 عاماً، وستقلّص قدرة موسكو في بريطانيا لسنوات». وأمهلتهم أسبوعاً لمغادرة بريطانيا، علماً أن لموسكو 59 ديبلوماسياً في بريطانيا. وأضافت: «سنجمّد أصولاً للدولة الروسية، إذا حصلنا على أدلة تفيد بأنها قد تهدد حياة مواطنين أو ممتلكاتهم أو سكان في بريطانيا». وأعلنت «تجميد كل الاتصالات الثنائية البارزة بين بريطانياوروسيا»، موضحة أن ذلك يشمل «سحب الدعوة الموجهة الى وزير الخارجية (الروسي سيرغي لافروف) لزيارة» لندن، مشيرة الى أن «أياً من أفراد العائلة المالكة أو الوزراء لن يحضروا كأس العالم» لكرة القدم التي تستضيفها روسيا الصيف المقبل. ووجّهت ماي رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئاسة مجلس الأمن طالبة جلسة طارئة للمجلس، عقدها أمس، ومؤكدة أن بريطانيا «مصممة على جلب المسؤولين عن الجريمة الى المحاسبة، عملاً بحكم القانون». وذكّرت بمقتل العميل الروسي السابق ألكسندر ليتفننكو في لندن، مسموماً بالبولونيوم-210 عام 2006، وما تلاه من طرد 4 ديبلوماسيين روس، معربة عن أسف ل»نهج» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقالت:» «كثيرون كان يحدوهم أمل، عند النظر الى روسيا ما بعد الحقبة السوفياتية. كنا نريد علاقة أفضل، لكن المأسوي ان يكون بوتين اختار هذا النهج. لن نتسامح مع تهديد الحكومة الروسية حياة البريطانيين وآخرين على أرض بريطانيا، ولا مع انتهاك صارخ للالتزامات الدولية» لموسكو. ودعت الخارجية البريطانية رعاياها الى توخي الحذر في روسيا. ونقلت صحيفة «ذي إندبندنت» عن وزير بريطاني قوله إن الإجراءات التي اتخذتها ماي هي «حرب اقتصادية». في المقابل، اعتبرت الخارجية الروسية ان لندن «اختارت المواجهة» مع موسكو، فيما كانت الأخيرة «مستعدة» للتعاون. وأضافت: «بديهي أن إجراءاتنا للردّ لن تتأخر». وكانت السفارة الروسية رأت في طرد 23 من ديبلوماسييها خطوة «غير مبررة وقصيرة النظر»، وحمّلت بريطانيا «المسؤولية الكاملة عن تدهور العلاقات». واستدعت الخارجية السفير البريطاني في موسكو لوري بريستو للمرة الثانية في غضون 24 ساعة. وقال ديبلوماسي روسي ل «الحياة» إن موسكو «سترد بحزم وسرعة على أي اجراءات عقابية بريطانية»، مشدداً على أن هذا الرد «سيكون متكافئاً وربما أكبر».