تبت يداك يا ولد على فعلتك الشنعاء وتصرفاتك الرعناء ورعونتك الحمقاء تبت يداك يا ولد خارجاً من عباءة الاحترام ومسيئاً لسمو الأخلاق وسماحة الإسلام تبت يداك يا ولد مضحياً بحياة الآخرين ومحولاً إبتسامة الفرحة إلى بكاء وأنين تبت يداك يا ولد متسلياً بأخطار الحديد ومزعجاً للجيران القريب منهم والبعيد تبت يداك يا ولد سائراً في طريق المتاهات جالباً للعار ومروعاً الآمنين والآمنات تبت يداك يا ولد متباهياً بقتل أولاد الناس دون خوف أو رحمة وشعور بالإحساس تبت يداك يا ولد فاشلاً في الحياة والدراسة فائزاً ومتوشحاً بشهادة الخيابة والتياسة أما أنتم يا شباب وطني فآمالنا كبيرة، وطموحاتنا لا حدود لها، لأنكم عماد الحاضر والمستقبل، أنتم الأمل في تغيير النظرة السلبية التي لصقت بالشباب العربي المنعوت بالاتكالية والفساد والتمرغ على أموال براميل النفط! الدائم وجه الله، فالنفط لن يدوم، والغاز عمره لن يطول، والعقول هي الدائمة وهي الاستثمار الحقيقي والمعين الذي لا ينضب. انظروا يا شباب الوطن مثلاً إلى بلد مثل سنغافورا، لا تملك نفطاً ولا غازاً ولا ذهباً أو فضة، وجهت خططها وبرامجها وإمكاناتها خلال ال 20 سنة الماضية إلى الاستثمار في العقول، فكان التطور، وتحققت قفزات هائلة نقلت هذا البلد صغير الحجم والإمكانات إلى مصاف الدول المتقدمة في مجالات عدة ومنها الصناعات المعرفية والتقنية، والأعمال المالية والمصرفية، وأصبح الرجل السنغافوري – الذي لا يزيد عنكم حواساً ولا يتجاوزكم طولاً – يشار إليه بالبنان، ويُستَقطب على مستوى العالم كخبير واستشاري ورئيس ومدير. ربنا سبحانه وتعالى وهب الإنسان عقلاً وقلباً وحواساً متماثلة القوى والإمكانات، وأبقى للإنسان والتأثيرات المحيطة به حركة التوجيه والاستثمار، والفرق أن السنغافوري وجهها للعلم والمعرفة والبحث والتطوير، وبعض شبابنا وجهوا نعم الله سبحانه وتعالى عليهم إلى تعلم فنون التفحيط ومغامرات ترويع الآمنين والمخاطرة بأرواحهم وأرواح غيرهم، إضافة إلى التسكع في الشوارع ومتابعة موضات قص الشعر وحيازة المخدرات، أنا لا أبرئ المجتمع السنغافوري من الرذيلة، ولكني أرصد خائفاً ومذعوراً نسب نمو التوجهات وحركة التصرفات وضحايا المغامرات في مجتمعنا. أسأل الله الهداية للضال من شباب وطني، وأقول لهم إننا كآباء نريد أن نراكم شباب بناء وفروسية، ملحمة قوة وصبر وعطاء، ونفخر بكم نبراساً وقدوةً للآخرين، منهمكين في الإنتاج والتفوق والإبداع متمتعين ومتمسكين بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، محافظين على القيم والمثل العليا. أبواب دور العلم والمعرفة أصبحت في بلادنا والحمد لله منتشرةً ومهيئةَ وميسرةً، وبيئة وفرص التألق والإبداع بدأت تفتح ذراعيها على نطاق واسع من أرجاء الوطن، لا تضيّعوا الفرصة فقد حبا الله هذه الأرض إمكانات إقتصادية هائلة ونعماً كثيرة، فلا تكونوا مثل أصحاب القرية ويومها لن ينفع الندم ولن تنفع كلمة يا ليت. وأذكركم بموقف شاب فقد نعمة البصر ولم يفقد رؤية البصيرة وظل يطارد مسحة التعاطف وذرف الدموع ويواجهها بآمال وطموحات تزن بلداً بأكمله، وأصبح الناس ينظرون إليه وهو معتصم على جبل من الطموح، استثمر نعم الله عليه التي لا تُعد ولا تُحصى ولم يركن أو يتسول بفقدان البصر، والمثابرة نصف العبقرية كما قيل ويقال. كتبت هذا المقال بعد مشاهدتي لبرنامج «99» يوم الجمعة قبل الماضية بقناة الرياضية، متأثراً بعد أن أصاب القلب الألم وانهمر الدمع من العين، رأيت شباباً أساؤوا لأنفسهم ودينهم ووطنهم، وضربوا بالمبادئ والأخلاق عرض الحائط، أصابني وجوم لم أشهد له مثيلاً، وإحساس بالقلق والخوف لم أعهده من قبل، كتبتها وقد تضامن الفؤاد مع أب مكلوم وأم مكلومة على فقدان أبناء في ربيع الشباب، الفقدان ليس بالموت فقط بل بضياع مجموعة من شبابنا في سراديب ظلام الوحشة وغياهب التيه، تلقفتهم أيادٍ قذرة وفكر ضال فلقنتهم دروساً في إبداع التهور وتناول السموم، فتباً لمن يحمل هذا الفكر، وتباً لمن يروج لهذه الثقافة، وتباً وتباً لمن أسهم ويسهم، وساعد ويساعد، وروج ويروج، وشجع ويشجع على وقاحة الأعمال وسوء الأخلاق. * كاتب سعودي. [email protected]