استعرضت ندوة دولية نظمتها الفيديرالية العربية لحقوق الإنسان بمقر الأممالمتحدة في جنيف على هامش اجتماعات الدورة ال 37 لمجلس حقوق الإنسان، ما يتعرض له بعض أبناء القبائل في قطر من تعسف وإسقاط للجنسية وتهجير قسري طاول حتى «الأطفال الرضع وسحب جنسية المتوفين من آبائهم، إضافة إلى القاء كثير منهم في غياهب السجون القطرية». ودعا المشاركون في الندوة الذي أدراها الإعلامي عبدالعزيز الخميس، المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المعنية للتدخل بشكل عاجل والاستماع إلى ما وصفوه ب «صرخة غفرانية» والوقوف على مأساة أبناء قبيلة الغفران وما يتعرضون له من انتهاكات. وقال أحد المشاركين ويدعى ناصر جابر المري – بحسب بيان للفيديرالية (حصلت «الحياة» على نسخة منه) - إن السلطات القطرية أسقطت جنسيته وعائلته وهو في سن السادسة خلال إجازة لهم في الخارج، ومنعتهم من العودة إلى وطنهم، وفصل والده الذي كان يعمل مهندسا في شركة قطر للبترول من عمله، لافتاً إلى أن «السلطات القطرية لم تستجب لمساعي والده للتواصل معها للتعرف على سبب قرارها أو للبحث عن سبيل للعودة»، متسائلاً «لماذا حُرمنا من وطننا وصودرت منازلنا وحقوقنا؟». فيما قال جابر راشد الغفراني خلال الندوة: «أسقطت جنسيتي، وأنا في سن 11 وحرم والدي من كل حقوقه المستحقة بعد ان خدم في القوات المسلحة القطرية 23 عاما»، مضيفاً أن «ثلاثة من إخوته ولدوا في المهجر وليس لديهم حتى شهادات ميلاد بعد أن حرمتهم حكومتهم في قطر من الوطن، وعندما طلبنا من السلطات القطرية إصدار الشهادات أجابتنا بأننا لسنا مواطنين قطريين». وفي مداخلة له كشف صالح محمد الغفراني أن «السلطات القطرية أسقطت جنسيته وعائلته عام 1996»، مضيفاً أنه «ولد في أميركا لاب وأم قطريين أبا عن جد، لطنهم الآن بلا وطن أو جنسية بجرة قلم». وشكا من أن السلطات القطرية أمهلت والده 72 ساعة فقط لمغادرة البلاد وإلا زُج به في السجن، ورفضت كل التماساته حتى تمديد المدة لترتيب أموره والحصول على مستحقات نهاية الخدمة بعد فصله من عمله، متسائلاً «كيف تجنس قطر الأجانب من كل مكان بينما تجرد القطريين الأصليين من جنسية وطنهم؟». وشدد على أن «الغفرانيين هم أصل قطر تاريخيا حتى قبل أن تأتي الأسرة الحاكمة الحالية إلى البلاد، فكيف يحرمون من وطنهم؟ وكيف يتباكى نظام الحمدين على حقوق الإنسان في أنحاء العالم بينما يمارسون هذه الانتهاكات بحق أبناء قطر؟». وطالب صالح المنظمات والجمعيات الحقوقية الأممية والدولية بتدخل عاجل لإيجاد حل سريع لقضية الغفران. وردا على سؤال من مدير الندوة عبدالعزيز الخميس عن سبب بقاء الغفرانيين في قطر على رغم كل هذه المعاناة الإنسانية الهائلة، قال صالح: «إنهم يخشون من أنهم لو خرجوا لن يتمكنوا من العودة مرة أخرى». وبصورة مأسوية استعرض محمد صالح الغفراني قصته التي أثارت استياء كبيراً بين الحضور، وقال: «اعتقل والدي أربعة شهور في سجن المخابرات القطرية عام 1996 خرج بعدها وهو معتل نفسيا بسبب ما قاساه خلال الاعتقال، وشردت الأسرة المكونة من تسعة أفراد أصغرهم كان في سن الشهور السبعة وأكبرهم في عمر العشرة أعوام». وعبر محمد عن حزن والده البالغ، خصوصا أنه – بحسب قوله – «خدم في الجيش القطري وشارك في حرب تحرير الكويت، وتلقى شهادات تقدير رسمية نظير جهوده، ثم لقي هو وعائلته هذا الجزاء»، مضيفاً أنه «في 28 ايار (مايو) 1996 هجرت السلطات القطرية أسرته قسريا ونزعت جنسيتها». ورداً على سؤال حول ما إذا كانت أسرته لجأت إلى لجنة حقوق الإنسان القطرية، انتقد محمد صالح الغفراني سلوك اللجنة بقوله إنهم لم يسمعوا منها سوى كلام لا يعكس حتى إدراكا لحجم مأساتهم، كاشفاً أن الفترة الاخيرة في قطر «لو تجرأ أحد على الشكوى أو الاتصال باللجنة تلاحقهم الأجهزة الأمنية وتهدده وترهبه». وطالب بمعرفة سبب اعتقال وتعذيب والده وحرمانه والاسرة كلها من الوطن لا لشيء إلا لأنه غفراني. إسقاط جنسية «الآباء» في رواية مفعمة بالمأساة والألم سرد جابر عبدالهادي المري، مأساة عائلته قائلاً: «السلطات القطرية اسقطت عن والدي المتوفى المولود في قطر عام 1923 الجنسية، بهدف سحب الجنسيات من نسله لاحقاً»، مستغرباً «هل توجد دولة في هذا العالم تسقط جنسيات متوفين؟». واعتبر المري، أن «ممارسات الحكومة القطرية عقاب جماعي مُجرًم دوليا بحق قبيلة الغفران الذي تصور الدوحة كل واحد من أبنائها على أنه خائن وعميل ومتواطئ». وقال: «حتى لو أخطأ شخص فإنه يجب أن يحاكم محاكمة عادلة، ولو دين فإنه يتحمل الذنب وحده وليس كل عائلته وقبيلته». ولخص المري مطالب قبيلة الغفران بقوله: «لا يمكن اختصار قضية القبيلة في مجرد استرداد الجنسية والعودة إلى قطر فقط لأن هذا الحق لا يسقط بالتقادم، بل يجب الحصول على التعويضات المالية والمعنوية عما لحق بالغفرانيين من أضرار إنسانية واجتماعية واقتصادية بالغة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه المأساة، ووقف الاضطهاد بشكل تام». وناشد مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان الكشف عن نتائج متابعته لشكوى الغفرانيين التي قدمتها الفيديرالية العربية لحقوق الإنسان في شهر ايلول (سبتمبر) الماضي، مستغرباً ما وصفه ب «الصمت على الشكوى». وطالب بمعرفة رد السلطات القطرية عليها لو كانت نوقشت معها فعلا، مؤكداً أن عدم حدوث أي تحسن واستمرار المعاناة والانتهاكات القطرية يشير إلى أن الدوحة لم تنصت إلى الشكوى ولم تأخذها بجدية.