يعتبر زواج العاملين في المهنة نفسها أمراً مألوفاً في كثير من المجتمعات، لأن الإنسان حينما يفكر في الزواج عادة ما يختار من المحيطين به. والأرجح أن هذه الطريقة في الإختيار لها ميزات وعيوب.فهل يضمن زواج المهنة الواحدة نجاح العلاقة الزوجية؟ وفي حديث الى «الحياة»، تناول الدكتور محمد غانم رئيس قسم الطب النفسي في كلية الطب في جامعة عين شمس، هذه المسألة فقال: «من مزايا زواج المهنة الواحدة التفاهم وتقدير طبيعة العمل والتعاون المفيد بين الطرفين، مع إعطاء فرصة أكبر للتفوق لكل زوج حيث يستفيد من قدرات الطرف الآخر وخبراته. يتيح زواج المهنة الواحدة أيضاً لكلا الزوجين قضاء فترة طويلة من الوقت سوية في ظروف مختلفة عن أجواء المنزل. وعلى رغم تعدد مزايا زواج المهنة الواحدة، إلا أن له جوانب سلبية أيضاً... فهذا الاختيار قد تكون له أضرار تظهر في صورة التنافس بين الزوجين، ما يخلق شعوراً بالتوتر في العلاقة إذا لم يوظف هذا التنافس بالصورة التي تخدم كلا الطرفين. ومن المشاكل التي تنشأ أيضا، محاولة أحد الطرفين السيطرة على الآخر من خلال فرض آرائه من خلال إدّعائه انه يفهم طبيعة العمل وطبيعة العلاقات داخله أكثر، وبالتالي فإن له حق التوجيه وعلى الشريك الاستجابة التامة». وأضاف: «ثمة عيب آخر لزواج المهنة الواحدة، يتمثّل في أن كلاً من الزوجين لا يترك للآخر فرصة للتعرف الى العالم الخارجي، حيث تنحصر العلاقات أساساً بينهما في إطار العلاقة نفسها، وبالتالي لا تكون هناك فرصة لتجديد الأفكار أو إعطائها أبعاداً أخرى، الأمر الذي يؤدي بمرور الوقت إلى تصلب فكري وعدم انفتاح على العالم الخارجي. وقد يؤدي ذلك إلى لشعور بالملل والرغبة في الانفلات من العلاقة الزوجية. وهناك مشكلة أخرى هذا الزواج تتجسّد في تميّز أحد الزوجين. وبما أننا في مجتمع ذكوري، فان تميز الرجل قد يكون أكثر قبولاً حتى بالنسبة الى زوجته التي ترى أن لها دوراً في نجاحه وقد يؤيدها المجتمع في مثل هذا التفكير. ولكن قد تنشأ مشكلة في حال تميز المرأة أو أن تغدو أكثر شهرة أو نجاحاً من زوجها. ويحتاج هذا الوضع إلى شريك ناضج يتقبل النجاح، بل ويدفع إلى المزيد منه ولا يرى فيه انتقاصاً من قدره. كما أن هذا النوع من العلاقات ربما ينشأ منه إحساس أحد الزوجين بأن الطرف الآخر لا يستحقه، وأنه ربما كان عليه البحث عن خيار أفضل، خصوصاً إذا لمس انعكاس نجاحه على المعجبين به ما يجعله يشعر بحال من عدم الرضا عن زواجه. وقد يدفعه هذا الأمر إلى الدخول في علاقات أخرى قد تكون لها آثار سلبية على العلاقة الأصلية». ووضع غانم وصفة طبية لنجاح زواج المهنة الواحدة، فقال: «يجب أن يأتي ذلك الزواج في إطار علاقة واضحة ومحددة بين طرفيه، خصوصاً في ما يتعلق بتقسيم الأدوار داخل المنزل وخارجه. والأفضل أن يكون عمل كل منهما في مكان منفصل قدر الإمكان، وأن يتمتع كلا الزوجين بقدر من الخصوصية في العمل والبيت، وأن يعتبر كل منهما نجاح الآخر بمثابة إنجاز للأسرة كلها. ومن المهم أيضاً تشجيع كل طرف على أن تكون له هوايات خاصة وأصدقاء مختلفون واهتمامات وموضوعات متمايزة عن الطرف الآخر. إذ يخلق ذلك الوضع نوعاً من الثراء في علاقة الزوجين، فتظل علاقاتهما في إطار إيجابي من التطوّر والتفاعل».