بعد ثلاثة عقود تحقق لمسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربي إنجاز العديد من المشاريع المشتركة، إضافة إلى التنسيق والتعاون والتكامل في المجالات كافة، وسط تطلعات وآمال مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتحقيق المزيد من الانجازات. وفي هذا الاتجاه سعى قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال لقاءاتهم ومشاوراتهم المستمرة على تثبيت قواعد كيان مجلس التعاون وتقوية دعائمه لتحقيق طموحات وتطلعات شعوبه ومواطنيه، من خلال تعميق مسيرة مجلس التعاون والتنسيق في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية، والعلمية، والإعلامية والبيئية والرياضة والشباب وغيرها. ومن أبرز مسارات العمل الخليجي المشترك، تأتي الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001، والتي نصت ديباجتها على أن الهدف هو تحقيق مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي بين دول المجلس من خلال وضع برنامج للعمل الاقتصادي المشترك في مرحلته الجديدة في إطار زمني محدد وانسجاماً مع متطلبات المرحلة الجديدة من العمل المشترك، تخصص الاتفاقية الفصول الثلاثة الأولى منها للاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد النقدي والاقتصادي، وهي مشاريع تكاملية واندماجية طموحة دفعت بمجلس التعاون خطوات واسعة إلى الأمام، أحدثت نقلة نوعية في طبيعة أعماله وإنجازاته، كما تمثل الاتفاقية الاقتصادية بوابة واسعة دخلت منها مسيرة المجلس إلى مرحلة متقدمة من التكامل والاندماج، بمنهاج وبرنامج يحققان أهداف هذه المرحلة. ولم يقتصر التكامل والاندماج بين دول المجلس على الجوانب الاقتصادية فهناك قرارات عدة مهمة في مجالات أخرى أسهمت، بشكل أو آخر، في الدفع نحو المرحلة الجديدة في مسيرة مجلس التعاون، منها على سبيل المثال إقرار المجلس الأعلى في 1994 مشروع الاتفاقية الامنية لدول المجلس، وإقراره لاتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس في 2000، واتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب في 2003، والتي تمثل خطوة جماعية مهمة من دول المجلس لمواجهة الإرهاب. وتحقق أخيراً تدشين مشروع الربط الكهربائي في 2009، وتأسيس هيئة التقييس وإنشاء الأمانة الفنية لمكافحة الإغراق وغير ذلك، وفي مجال التعليم والتعاون العلمي هناك الخطة المشتركة لتطوير التعليم، ومشروع استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية في دول المجلس. أما التعاون في مجال الموارد البشرية فتحقق بعض اهم الانجازات والتي منها المساواة في مجال العمل في القطاعين الحكومي والأهلي، والمساواة في التقاعد والتأمين الاجتماعي، ومد الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين في الدول الأعضاء الأخرى. وأسهم التجانس بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تمكين مجلس التعاون من تبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية، وسياسات ترتكز على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام سيادة كل دولة على أراضيها ومواردها، واعتماد مبدأ الحوار السلمي وسيلة لفض المنازعات، وهو ما أعطى مجلس التعاون قدراً كبيراً من الصدقية، بوصفه منظمة دولية فاعلة في هذه المنطقة الحيوية للعالم بأسره. وتركزت أهم الأهداف السياسية الاستراتيجية للمجلس في صياغة مواقف مشتركة موحدة تجاه القضايا السياسية، التي تهم دول مجلس التعاون في الأطر الإقليمية والعربية والدولية، والتعامل كتجمع مع العالم، في إطار الأسس والمرتكزات القائمة على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة المصالح المشتركة، وبما يصون مصالح دول المجلس ويعزز أمنها واستقرارها ورضا شعوبها.