سارعت الحكومة المصرية إلى تهدئة الشارع المصري، بوضع حد أدنى للأجور من دون النظر إلى الاعتبارات الاقتصادية في ظل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، ما ينعكس سلباً على معدلات البطالة والتضخم، ما حذر منه خبراء اقتصاد. واعتبرت الأستاذة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية منال متولي، أن سياسة الأجور «تحتاج إلى مزيد من الدراسات، وإلى أن يكون الحد الأدنى مرتبطاً بالإنتاجية». وأكدت أهمية «وضع مؤشر للإنتاجية والتدريب التحويلي، وأن يكون مستنداً إلى جهة واحدة في إطار إستراتيجية للتدريب على مستوى مصر تراعي التخصصات والحاجات». وقالت: «لا يمكن وضع سياسة موحدة للأجور في كل القطاعات، كما لا يمكن معاملة القطاع الخاص كالقطاع الحكومي، مع ضرورة مراعاة الاختلاف في النشاطات الاقتصادية، ووضع حوافز لدمج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي من خلال إعفاءات ضريبية والتأمينات وغيرها». ورأت أن «من شأن إلزام القطاع الخاص بحد أدنى للأجور نسبته 10 في المئة من الأجر الأساسي، أن يؤدي إلى تراجع التشغيل بنسبة 8.4 في المئة». وطالبت المديرة التنفيذية للمجلس المصري للدراسات الاقتصادية ماجدة قنديل، ب «ربط الحد الأدنى للأجور بحزمة من السياسات الاقتصادية». واعتبرت أن «غياب السياسات الاقتصادية سيؤدي إلى مزيد من التضخم وعجز الموازنة العامة للدولة والبطالة، فضلاً عن عدم مراعاة الحكومة التوقيت المناسب للإعلان عن الحد الأدنى للأجور». وأوضحت أن الحد الأدنى «غير ملزم للقطاع الخاص، لتمتعه بالمرونة وقدرته على الاستغناء عن اليد العاملة، ما يزيد عدد القوى العاملة المهمشة». وطالبت ب «تعويض القطاع الخاص في حال وضع سياسة إلزامية للأجور». وأشار الباحث في المركز المصري للدراسات الاقتصادية طارق الغمراوي، إلى أن «75 في المئة من القوى العاملة في القطاع الخاص يعملون بعقد عمل رسمي في مقابل 97 في المئة في الحكومة، فضلاً عن 4.8 في المئة من دون عقود في الجهاز الإداري للدولة». وعزا أسباب ارتفاع متوسط الأجور في القطاع الحكومي، إلى «ارتفاع مستوى التعليم فضلاً عن وجود جدول ملزم للأجور». وطالب بضرورة «إنشاء جهة موحدة للتعامل مع القطاع غير الرسمي هدفها بدء عملية تحويل المشاريع العاملة في شكل غير قانوني إلى القطاع الخاص الرسمي، وباعتماد سياسة تفضيلية في كل من الضرائب والحد الأدنى للأجور لتعزيز مشاركة هذا القطاع إيجاباً». وأكد ضرورة «اعتماد سياسة جديدة للحد الأدنى للأجور في كل من القطاعين الخاص الرسمي والعام، من طريق فرض قانون الحد الأدنى للأجور على القطاع العام فقط، على أن يزيد الأجر سنوياً تلقائياً مع معدل التضخم. فيما تُعتمد في القطاع الخاص الرسمي حوافز لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة تشجعه على ربط زيادة الأجور بمعدل التضخم السنوي». وأشارت الباحثة في وزارة الاستثمار هبة عبداللطيف، إلى «تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي بنسبة 30 في المئة بين 1985 و 2008، وازدياد الفجوة بين الإنتاجية والحد الأدنى للأجور، فضلاً عن العلاقة السلبية بين الحد الأدنى للأجر والتشغيل».