أكدت واشنطن أمس أن المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن «لا تزال مطروحة» وأن مكان توقيعها من قبل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح «لا يهم طالما تم بملء إرادته»، مبدية مخاوفها من تراخي نفوذ السلطة في الجنوب، وخصوصاً مدينة زنجبار التي سيطر عليها تنظيم «القاعدة». في هذا الوقت، ذكرت وكالة «اسوشييتد برس» أن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) تبني قاعدة سرية ل «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي أي) في منطقة الخليج لاستهداف إرهابيي تنظيم «القاعدة» في اليمن في حال انتصرت القوى المناوئة للولايات المتحدة في الصراع الدائر هناك. وأكد مسؤول أميركي ل «الحياة» أن واشنطن تواصل الدفع في اتجاه «انتقال سلمي للسلطة في اليمن» وتعمل مع «جميع الأطراف لهذه الغاية»، مشدداً في الوقت نفسه على أن الانتقال يجب أن يتم عبر «الحوار السياسي وبطريقة سلمية»، ومجدداً إدانة واشنطن لمحاولة اغتيال الرئيس صالح. ورداً على سؤال عن المبادرة الخليجية وما إذا كانت لا تزال قائمة، أوضح المسؤول أن «المبادرة الخليجية لا تزال مطروحة اليوم... لقد قالوا (قادة مجلس التعاون الخليجي) في اجتماعهم الأخير أنهم جمدوا المبادرة، ونحن طلبنا منهم توضيح معنى التجميد، وكان الرد أن المبادرة لم تسحب». وأكد أن واشنطن تدعم علي صالح في حال قرر توقيع المبادرة «لكن لا يعود إلينا تقرير كيفية ومكان توقيعها. فإذا أراد توقيعها في المستشفى فهذا ممكن بالتنسيق مع عائلته وأعضاء حزبه وحلفائه، وطالما أنه يوقعها بنية جيدة وبملء إرادته فهذا يمكن أن يتم في الرياض أو في صنعاء... الأمر يعود إليه». وعبر المسؤول عن قلق واشنطن البالغ من إمكان استغلال «القاعدة» الفراغ الأمني، وقال: «من المقلق ما يحدث في مدينة زنجبار الجنوبية، هناك عناصر من القاعدة مرتبطون بمسلحين اجتاحوا المدينة واصطدموا مع الجيش، وهذا يخيفنا، وهو دليل على ما يمكن أن يحصل عندما تقرر الحكومة المحاربة لأجل مستقبلها على حساب حماية السكان». لكنه شدد على أن التعاون في مكافحة الإرهاب مستمر بين واشنطن وصنعاء نظراً للعلاقة القوية بين مؤسسات الاستخبارات والجيش في البلدين. من جهتها، ذكرت وكالة «اسوشييتد برس» أن وزارة الدفاع الأميركية التي تتحضر لأسوأ السيناريوات في اليمن، باشرت بناء قاعدة سرية لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) في الخليج لاستهداف إرهابيي تنظيم «القاعدة» في هذا البلد في حال انتصرت القوى المناوئة للولايات المتحدة في الصراع الدائر هناك وأبعدت القوات الأميركية منه. وكان البيت الأبيض قد زاد أخيراً عديد عناصر ال «سي آي أي» في اليمن استباقاً لأي احتمال، كما قرر تسريع بناء القاعدة المذكورة وخفض المهلة المخصصة لذلك من عامين الى ثمانية أشهر. وأوضحت الوكالة أنها تتحفظ عن ذكر الموقع المحدد للقاعدة الأميركية بناء لطلب المسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا إليها شرط عدم كشف هوياتهم بسبب سرية المعلومات حول المهمات العسكرية والاستخبارية في اليمن. وأشارت الى أن العملية الراهنة تقودها وحدة متخصصة في مكافحة الإرهاب هي «القيادة المشتركة للعمليات الخاصة» بإسناد في المعلومات من «سي آي أي». وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية ليون بانيتا صرح الأسبوع الماضي أن عناصره يعملون مع الوحدة الخاصة في اليمن وفي مناطق أخرى تنشط فيها «القاعدة». لكن الوكالة لم تؤكد خبر البيت الأبيض عن بناء قاعدة لتوسيع نطاق عملياتها في اليمن. وكان مئات المسلحين الذين يرجح انتماؤهم الى «القاعدة» سيطروا أمس لساعات على أجزاء من مدينة الحوطة في محافظة لحج (جنوب) قبل أن ينسحبوا منها بعد اشتباك مع قوات الأمن أوقع ثلاثة جنود قتلى. على صعيد آخر، فجر نائب وزير الإعلام اليمني عبده الجندي أمس قنبلة سياسية من العيار الثقيل عندما وجه اتهامات صريحة الى دولة قطر ب «التآمر على أمن اليمن واستقراره» والتورط في تمويل حركات الاحتجاج المناوئة لنظام الرئيس صالح وتحويل أموال عبر السفير اليمني السابق في مصر الدكتور عبد الولي الشميري الى أطراف معارضة في اليمن بينها وحدات في الجيش أعلنت تأييدها وانضمامها لحركة الاحتجاجات، في إشارة الى الفرقة الأولى المدرعة بقيادة اللواء علي محسن الأحمر. وقال الجندي في مؤتمر صحافي أن «السلطات اليمنية تمكنت من كشفت تحويلات مالية تتم عن طريق قطر وأن الوسيط في ذلك سفير اليمن السابق عبد الولي الشميري الذي يتسلم الأموال من الدوحة ويوزعها على المعارضين في اليمن». وأضاف أن «للفرقة الأولى المدرعة نصيب منها كجزء من التآمر على الجيش لتفتيته وإضعافه». وأرجع الجندي «العداء الذي تكنه قطر لليمن الى عدم مشاركة الرئيس صالح في القمة العربية الطارئة التي عقدت في الدوحة قبل نحو عامين حول حرب غزة».