طعن المرشح الخاسر مير حسين موسوي رسمياً أمس، في نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ودعا أنصاره الذين واصلوا تظاهراتهم لليوم الثاني على التوالي، إلى متابعة الاحتجاجات السلمية، فيما اعتقلت السلطات عشرة قياديين إصلاحيين بتهمة إثارة اضطرابات في البلاد، وأبقت على اثنين منهم قيد الاحتجاز. لكن الرئيس محمود احمدي نجاد أكد انه فاز في اقتراع «حرّ ونزيه» اعتبر انه شكّل «منعطفاً في التاريخ الإيراني المعاصر». وقال نجاد رداً على سؤال ل «الحياة» في مؤتمر صحافي عما اذا كان يعتزم تعديل طرحه المتشدد في المرحلة المقبلة: «نحن معتدلون مع الأصدقاء، متشددون مع المستكبرين». تزامن ذلك مع إبداء جوزف بايدن نائب الرئيس الأميركي «شكوكاً حقيقية» في نتيجة الانتخابات الإيرانية. ونقلت وكالة «رويترز» عنه قوله في مقابلة مع شبكة «ان بي سي» الأميركية: «من المؤكد ان الأمر يبدو مثل الطريقة التي يقمعون بها حرية الرأي، والطريقة التي يقمعون بها الحشود والطريقة التي يعاملون بها الناس. ولذا هناك بعض الشكوك الحقيقية». وأضاف: «لديّ شكوك، لكننا سنمتنع عن التعليق الى ان تكون لدينا مراجعة شاملة للعملية كلها، و(نرى) كيف سيتفاعلون في أعقابها». ولفت امس ما ذكرته شبكة «سي ان ان» حول تعميم سري جداً لوزارة الدفاع الأميركية دعت فيه قواتها المتمركزة في الخليج، الى الحذر وضبط النفس في حال حدوث احتكاك مع الجيش الإيراني. وأوضحت الشبكة ان «البنتاغون يتخوف من أن تطلق بعض التحرشات الإيرانية، شرارة أحداث قد ترغم القوات الأميركية على الرد عليها». في موسكو، نقلت وكالة «فرانس برس» عن سيرغي بروخودكو ابرز مستشاري الكرملين قوله ان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف سيبحث مع نجاد في روسيا هذا الأسبوع «قضايا تتصل بالبرنامج النووي الإيراني وضرورة توسيع التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، إضافة الى «الوضع في العراق والشرق الأوسط عموماً». نجاد وقال نجاد ان «نسبة المشاركة التي بلغت 84 في المئة من الناخبين، تشكّل صفعة قوية في وجه نظام الاستكبار الذي يحكم العالم». وأضاف في مؤتمر صحافي ان الانتخابات كانت «حرة ونزيهة وملحمة كبرى»، معتبراً ان «حركة الشعب شكلت منعطفاً في التاريخ الإيراني المعاصر». ورأى نجاد ان التحركات الشعبية التي تشهدها البلاد «غير مهمة، والحكومة ستتعامل معها بتسامح»، مضيفاً: «اذا كان لدى الآخرين تشكيك في النتائج، فالقانون يمكن أن ينظر فيها». وزاد ان «احتجاج البعض وطعنه في النتائج أمر طبيعي. أنفقوا الكثير من المال على الدعاية وكانوا يعتقدون ان في وسعهم الفوز واستعدوا لذلك، وبالتالي فهم مستاؤون». وشبّه الانتخابات ب «مباراة كرة قدم» بين فريقين، داعياً الطرف الخاسر الى «التسليم بالأمر». ولم يستهجن نجاد طرح سؤال عليه حول تكهنات في ايران بأن رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني الذي اتهمه الرئيس الإيراني بالفساد، يواجه مصيراً مشابهاً لمصير رجل الدين حسين منتظري الذي كان الخليفة المعلن للمؤسس الراحل للجمهورية الإسلامية الإمام الخميني، ووُجهت اليه تهمة الانشقاق عن الثورة قبل اسابيع من وفاة الخميني عام 1989. لكنه تفادى الإجابة عن السؤال، مقللاً من أهمية الاعتراضات على نتائج الانتخابات. وجدد نجاد التأكيد ان الملف النووي الإيراني «اصبح من الماضي». ورداً على سؤال عن التهديدات الإسرائيلية ضد ايران، أجاب: «من يجرؤ على مهاجمة إيران؟ من يجرؤ حتى على التفكير في ذلك؟». وجدد استعداد ايران «للمشاركة في تسوية المشاكل الدولية». وسألت «الحياة» الرئيس الإيراني عما اذا كان يعتزم تعديل طرحه المتشدد في المرحلة المقبلة، فأجاب: «نحن معتدلون مع الأصدقاء، متشددون مع المستكبرين»، ما يوحي بعزمه مواصلة سياسته. وحول العلاقة مع ما يُعرف بخط «الاعتدال العربي»، قال نجاد ل «الحياة»: «نريد علاقات أخوية وجيدة مع الدول العربية الصديقة، ونسعى في هذا الاتجاه بما تمليه الظروف الجديدة». وأعرب عن اعتقاده بأن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من علاقات التعاون مع الدول العربية. وأمام آلاف من مناصريه احتفلوا بفوزه في ساحة ولي عصر في طهران، اكد نجاد ان «الأمواج الهادرة للشعب ستجرف من أمامها كل التفاهات». ونقلت «رويترز» عنه قوله: «البعض في داخل البلاد او خارجها، اكثر كاثوليكية من البابا. يقولون ان ثمة تزويراً في الاقتراع. أين هي المخالفات في الانتخابات؟». وأضاف ان «البعض يريد الديموقراطية فقط لمصلحتهم. يعترفون بالانتخابات فقط اذا كانت النتائج مناسبة لهم». في المقابل، أعلن موسوي انه قدم «طلباً الى مجلس صيانة الدستور من اجل إلغاء نتائج الانتخابات»، قبل انتهاء المدة القانونية للاعتراض أمس. ودعا في بيان نشر على الموقع الإلكتروني لحملته الانتخابية وأوردته «رويترز»، «أمة ايران الى مواصلة الاحتجاجات في انحاء البلاد، بطريقة قانونية وسلمية». وأضاف: «طلبنا من المسؤولين السماح لنا بتنظيم تظاهرات في مختلف انحاء البلاد، لإتاحة الفرصة امام الناس للتعبير عن رفضهم للعملية الانتخابية ونتائجها». واعتبر السماح بهذه التظاهرات «السبيل الأفضل لوأد الفتنة». وزاد ان كثراً من الإيرانيين يخشون أن تهدد احداث الأيام الأخيرة «انجازات الثورة». كما أعلن المرشح الإصلاحي الآخر مهدي كروبي في بيان ان «النتائج المعلنة لهذه الانتخابات غير شرعية والحكومة المنبثقة عنها تفتقر الى الاحترام الوطني والكفاءة، وبالتالي فإنني لا اعترف بنجاد رئيساً لإيران». لكن مرشد الجمهورية الإسلامية على خامنئي جدد إشادته بنتيجة الانتخابات التي اعتبرها «إعجازاً الهياً». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (ارنا) عنه قوله امام مواطنين لمناسبة ذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء، ان «الشعب الإيراني متيقظ وواع، وأظهر في هذه الملحمة الكبرى انه يتبع الخطاب والنهج والمبادئ ذاتها التي أرساها الإمام» الخميني.