إضافة إلى هذه البحة الجميلة في صوتها والتي تعطي لأغنياتها جاذبية عذبة، فإن الفنانة المصرية شيرين تلقائية وهذا ما يحبب بها. ترمي الكلام غير عابئة لحظتها عما يمكن أن تسببه لها عفويتها، وإن ندمت على كلامها في ما بعد واضطرت للاعتذار عنه، فهذا لأن الآخرين لا يقدرون هذه المزية فيها، بخاصة نقابة المهن الموسيقية «الشديدة المحافظة»، كما وصفتها صحيفة «الفيغارو» الفرنسية. شيرين تعتذر في معظم الأوقات عن «زلات لسانها» وهفواتها بعد ردود فعل غير متوقعة تجاهها أي بعد أن يكون السيف قد سبق العذل أي بعد فوات الأوان. في عالم قائم على المجاملات وعلى الكلمات المحسوبة والضحكات المدروسة وادعني لأدعوك وامدحني لأمدحك، يصبح ظهور شخصية من هذا النوع مثيراً للفضول وللاهتمام أحياناً. فهي جاهزة على الدوام سواء في حفلات أو مقابلات تلفزيونية أو في الحياة الخاصة التي لم يعد فيها شيء خاص، لإلقاء ما لا يحمد عقباه من آراء صادقة، لكنها بعيدة عن كلام الفنانين الذي بات مشابهاً لكلام البيانات التي تصدر عن وزارات الخارجية العربية بعد لقاءات الرؤساء من نوع «إثارة القضايا ذات الاهتمام المشترك والتوافق على...». في برنامجها التلفزيوني «شيري استوديو» تلتقي شيرين كل مرة بثلاثة فنانين، وتفاجئ كل مرة بأسلوبها في التعامل معهم، فهي تحب الكلام أكثر منهم، وحين تلقي عليهم سؤالاً مثيراً لعواطفهم في بعض الأحيان وتأتي إجاباتهم منفعلة من التأثر فإن شيرين تنتقل مباشرة إلى الضيف الثاني وكأن الأول لم يقل شيئاً ولم يكن على وشك أن يتابع، فتسأل سؤالاً جديداً أو السؤال ذاته... لكنها دائماً طريفة وعفوية. هوجمت شيرين كمقدمة برامج، ولكن هل هي الأسوأ حقاً مقارنة بمن هذه مهنته الأولى والأخيرة؟ هذه سياسة برامج التوك شو التي لا مكان فيها للحكي الكثير أو للتعليق على أجوبة الضيوف أو التفاعل معها سوى حين لا تستحق حقاً. لكن العيون بل الآذان مستعدة دائماً لتلقف ما تدلي به هذه الفنانة «الشقية»، حتى لو كان في جلسة خاصة وحتى لو كان مزاحاً حول حقيقة، لكنها لا تقال في عرف البعض. وتنتشر «فضائحها»، التي ليست كذلك، حين ترد على معجبة مطالبة بأغنيتها «ماشربتش من نيلها» في إحدى الحفلات: «هيجيلك بلهارسيا» وتضيف وهي تضحك ناصحة «اشربي ايفيان (مياه معدنية فرنسية شهيرة) أحسن»، ويحكم عليها في مصر بستة أشهر حبس، وتؤنب شيرين، لأنها قالت في مكان خاص أي ليس من المفترض أن يصل للجمهور، أن عمرو دياب «راحت عليه»، هنا تجدر الإشارة إلى أنها لم تسحب كلامها ولم تعتذر، وعن أليسا «أنا في ناس كتير في مصر بيحبوني، وإحنا عندنا كله طبيعي معندناش أيّ حاجة محقونة»... سقى الله أيام زمان فلو كان بعض الفنانين والفنانات خاصة عاش اليوم لكان قضي عليه من زمان مع هذا الفصل الوبائي بين الخاص والعام. شيرين تتسبب بالمشكلات لنفسها، لكنها بالتأكيد تمتّع جمهورها فنياً وكلامياً، وكما تقول أغنيتها في حبّ مصر والتي تنطبق عليها: دوّر جوّاك تلقاني.