قرر النائب العام المصري المستشار نبيل صادق أمس، تكليف رؤساء النيابة والمحامين العموميين بمتابعة «وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي وضبط الإجراءات القانونية والجنائية، واتخاذها ضد كل ما يبث منها ويصدر عنها عمداً من «أخبار كاذبة أو بيانات أو إشاعات من شأنها تكدير الأمن العام ويترتب عليها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة»، وسط مخاوف في الوسط الإعلامي والصحافي من تأثير تزييف هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» تقريراً عن الاختفاء القسري على حرية العمل الإعلامي في مصر. وطالب النائب العام في بيان أمس، الجهات المسؤولة عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بإخطار النيابة العامة بكل ما يمثل خروجاً على مواثيق الإعلام والنشر انطلاقاً من التزامها المهني ودورها الوطني «في ضوء ما لوحظ أخيراً من محاولة قوى الشر للنيل من أمن الوطن وسلامته ببث الأكاذيب والأخبار غير الحقيقة ونشرها من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي». وانتابت الأوساط السياسية والإعلامية في مصر حالاً من الغضب على مدى اليومين الماضيين بسبب تقرير أذاعته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، زعمت فيه اختفاء سيدة تدعى زبيدة قسرياً وتعرضها للتعذيب على أيدي قوات الشرطة، قبل أن تظهر السيدة على شاشة إحدى الفضائيات الخاصة، وتعلن أنها تعيش في حرية، وتكذّب تصريحات والدتها، التي قالت إنها قاطعتها لأسباب عائلية. واتخذ رئيس الهيئة الوطنية للإعلام حسين زين قراراً مساء أول من أمس، بتعليق كل أنواع التعاون الإعلامي من بروتوكولات أو اتفاقات مع «بي بي سي» حتى إشعار آخر. ورأى نقيب الإعلاميين وعضو الهيئة حمدي الكنيسي، أن قرار النائب العام «منطقي في ظل التجاوزات والأكاذيب التي تروج لها بعض وسائل الإعلام الدولية، بهدف الإضرار بالأمن القومي والإساءة الى صورة مصر في الخارج». وقال ل «الحياة» إن قرار ضبط متعمدي نشر أخبار كاذبة بهدف الإضرار بمصلحة مصر «لن يؤثر إطلاقاً على حرية الصحافة والإعلام. من يحترم معايير العمل لن يناله أي ضرر». وأكد الكنيسي أن مصر ليست الدولة الأولى التي تتخذ مثل هذه الإجراءات القانونية تجاه من يتعمدون الإضرار بمصالح بلادهم، خصوصاً لو استندت تلك الوسائل الإعلامية إلى أكاذيب وتزييف، موضحاً أهمية أن ينفذ قرار النائب العام بدقة وحرص شديد حتى تحصر المواقع ووسائل الإعلام التي تتعمد نشر أخبار كاذبة بهدف الإضرار بصورة مصر في الخارج. وأوضح نقيب الإعلاميين «أن النقابة هي وحدها المختصة بمراجعة ومتابعة ومساءلة أي إعلامي لا يلتزم بالمعايير المهنية ومواثيق الإعلام سواء كان رسمياً أو خاصاً، وقرار النائب العام لا يتعارض مع عمل النقابة». وقال: «إذا كانت هناك دلائل على مشاركة وسائل إعلامية محددة في مؤامرة واضحة ضد الدولة، فلا بد أن يتدخل القانون والنائب العام في هذا الشأن». وقال الخبير الإعلامي عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ياسر عبدالعزيز ل «الحياة»، إن بيان النائب العام «هو تحول خطير في مسار حرية الرأي والتعبير في مصر، وسيساهم في تفاقم حدة الأزمة المتولدة عن تقرير هيئة الإذاعة البريطانية في ظل التحدي السياسي الذي تواجهه مصر»، مشيراً إلى أن «المنظومات الإعلامية الرشيدة تحرص على أن يكون هناك أكثر من منطقة عازلة تفصل بين وسائل الإعلام وقوانين العقوبات، وكلما قلّت هذه المناطق كانت حرية الصحافة والإعلام في خطر»، مطالباً بضرورة ألا تؤثر أزمة «بي بي سي» في حرية الصحافة والإعلام. وأكد عبدالعزيز أن مصر تواجة تحدياً سياسياً خطيراً، ما يستلزم تغطية إعلامية مُدققة للأحداث. وأشار إلى أن الهيئة الوطنية للإعلام مُطالبة ب «متابعة أداء وسائل الإعلام وتقويمه واتخاذ ما يلزم من إجراءات نحو ضبط هذا الأداء»، مضيفاً: «القفز على هذه المراحل وصولاً إلى الصدام مع قانون العقوبات، يصدر صورة سلبية عن الأوضاع في مصر ويحد من حرية الرأي والتعبير ويسفر عن عواقب وخيمة».