سلمى الصاوي فتاة مصرية في الثامنة عشرة من عمرها، لم يُعرف عنها ممارستها أي نشاط سياسي أو حقوقي، ولم تكن في يوم من الأيام من قيادات الحركات الشبابية. لكنها صارت اليوم اسماً مشهوراً في مصر، بعدما روت أن جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية اختطفها وعذبها، فتعددت الإدانات والاستنكارات والمطالبة بمحاكمة من اعتدوا عليها. وتقول الصاوي إن ضباطاً في الشرطة خطفوها بعد مشاركتها في وقفة احتجاجية في ذكرى وفاة خالد سعيد، المعروف ب «شهيد الطوارئ»، الأسبوعَ الماضي، وتزعم أنه تم تعذيبها لاستنطاقها في شأن بعض المعلومات عن نشطاء «حركة 6 أبريل»، وبعد «وصلات من الضرب والتعذيب»، أطلقها محتجِزوها، على ما تقول. وبعد ساعات من نشر الفتاة روايتها على موقع «فايسبوك»، باتت بطلة برامج «التوك شو»، وأصبحت قضيُتها من أولويات رئيس الوزراء عصام شرف، الذي التقاها شخصياً لتروي له «مأساتها». وكلَّف شرف وزيرَ الداخلية منصور العيسوي التحقيق شخصياً في الواقعة. العيسوي من جانبه، اهتم بقضية سلمى الصاوي في وقت يعج الشارع المصري بانفلات أمني مثير للدهشة والاستنكار في آن، وهو التقى الفتاة لاستيضاح ملابسات «عملية الخطف»، التي أصبحت حقيقة من دون أي دليل أو سند، سوى رواية الفتاة، وخلص إلى أنه لا دليل على احتجاز الفتاة في أي من مقرات الأمن الوطني. وبعد أن بدأ الغموض يكتنف رواية سلمى الصاوي، بدأ التعاطف معها ينقلب تشكيكاً في روايتها، حتى أن حركة «شباب 6 أبريل» التي تبنت القضية وروَّجت لها على أوسع نطاق، قالت في بيان إن الصاوي «إلكترونية مقربة من الحركة وليست تنظيمية فيها»، كما شككت صفحة «كلنا خالد سعيد» في قضية الفتاة، إذ تساءلت: «قضية سلمى... هل هي قصة حقيقية؟». وقالت الصفحة في تعليق نشرته أمس: «كانت تساورنا شكوك في صحة الرواية بسبب بعض الأحداث غير المنطقية». وأضافت أن «الشباب الذين ساعدوها في الوصول إلى الدكتور عصام شرف، تشككوا أيضاً في روايتها». وفضلت الصفحة الانتظار حتى الانتهاء من التحقيقات، وتعهدت بالاعتذار لوزارة الداخلية لو ثبت عدم صحة رواية الصاوي. لكن الواقعة فتحت أيضاً مجالاً لتساؤلات حول دور الإعلام في إشاعة الارتباك والفوضى، بعدما ظهرت الفتاة في أحد البرامج لوقت طويل وهي تروي واقعة خطيرة من دون التأكد منها. وتعبّر القضية عن حال الارتباك التي تسود العلاقة بين الشارع والشرطة بعد «ثورة 25 يناير»، فهي أول واقعة تتهم فيها وزارة الداخلية بتعذيب ناشطين بسبب مواقفهم السياسية، لكن الأقرب إلى الحقيقة، هو أن جهاز الشرطة لم يخطف الفتاة، التي أقرت في تدوينة على «فايسبوك» بعد تزايد الشكوك في صحة روايتها، أن وزارة الداخلية ليس لها علاقة بواقعة اختطافها، وأن ما حدث لها كان من «فئات تريد الإيقاع بين الشرطة والشعب».