تظاهر مئات العراقيين في بغداد ومدن اخرى في الجنوب والشمال الجمعة مطالبين الحكومة باجراء اصلاحات معيشية وسياسية، بعد ايام قليلة من انتهاء مهلة المئة يوم التي منحت الى الوزارات لتحسين ادائها. وتجمع حوالى 300 شخص في ساحة التحرير في وسط بغداد حاملين لافتات تطالب بالاصلاح وبخروج القوات الاميركية من البلاد، ومرددين هتافات مناوئة لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. والى جانب هؤلاء، كان يتظاهر حوالى ثلاثة آلاف شخص معظمهم من رجال العشائر للمطالبة باعدام موقوفين متهمين بقتل 70 شخصا كانوا يحضرون حفل زفاف في مدينة الدجيل شمال بغداد عام 2006. واقامت قوات الشرطة والجيش حواجز عند مداخل ساحة التحرير، ومنعت السيارات من التوجه اليها، فيما كان يجري تفتيش الداخلين الى مكان التجمع. وكان ناشطون عراقيون وجهوا على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي دعوات للتظاهر بقوة الجمعة في عموم محافظات العراق وخصوصا في ساحة التحرير وسط بغداد في ما اطلقوا عليه "جمعة القرار والرحيل". وشهد العراق في بداية العام الحالي اكبر تظاهرات منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، استلهم فيها آلاف العراقيين الحركات الاحتجاجية في العالم العربي، منددين بعدم كفاءة الطبقة السياسية، بحسب قولهم. ودفعت التظاهرات المالكي الى الاعلان في 27 شباط/فبراير انه سيقيم وسيعلن بعد 100 يوم من هذا التاريخ "اخفاقات ونجاحات كل وزير"، ملمحا حينها الى امكان طرد وزراء او مسؤولين في وزاراتهم. ولم تتمكن الحكومة في هذه الفترة من ايجاد حلول لمشاكل اساسية يعاني منها العراقيون في حياتهم اليومية، بينها النقص الحاد في الكهرباء والمياه النقية، وكذلك الوضع الامني الذي يبقي البلاد في حالة من التاهب الدائم. وقال محمد جاسم (28 عاما) لفرانس برس وهو يرفع لافتة في ساحة التحرير كتب عليها "صدورنا اقوى من حكومتكم"، ان "المشاكل في كل مكان، اقتصادية واجتماعية وسياسية". واضاف ان "مليون شخص قتلوا منذ عام 2006، وهناك اناس يتظاهرون على خلفية مقتل 70 شخصا في حفل زفاف"، في اشارة الى التظاهرة الاخرى المجاورة. وجلست ثلاث نساء وضعن على راسهن حجابا بالوان العلم العراقي الاحمر والاسود والابيض على حافة رصيف وحملن لافتة كتب عليها "الشعب يريد توفير الخدمات". وكانت مكبرات الصوت في وسط الساحة تصدح بالكلمات المطالبة باعدام المتهمين بقتل المشاركين في حفل الزفاف، وتغطي على اصوات الداعين للاصلاح. واتهم احمد السعدي (30 عاما) المتظاهرين المطالبين باعدام هؤلاء المتهمين بانهم "دفعوا من قبل المالكي من اجل احباط تظاهرتنا المطالبة بالاصلاح وتحويلها الى تجمع سخيف من اجل غاية نؤيدها جميعا". وتابع "مهلة المئة يوم كذبة انتهت، وعلينا ان نتحرك". وقال محمد حسين علي (45 عاما) الذي كان يشارك في التجمع الخاص بقتلة حفل الزفاف ان "التظاهرة الاخرى هي التي تشوش علينا، وليس العكس". وتابع بينما كان يمر الى جانبه رجال عشائر يحملون عصي في ايديهم "لم يطلب منا احد المجيء الى هنا، سمعنا بالتظاهرة فاتينا". وبعد مرور حوالى نصف ساعة على بدء التظاهرة عند حوالى الساعة العاشرة صباحا (07,00 ت غ)، اقتحم حوالى عشرة رجال التجمع المطالب بالاصلاح وانهالوا بالضرب على اربعة من المتظاهرين، ما ادى الى تفرق المتجمعين بعد دقائق. وقال عباس اللامي (65 عاما) "ضربوا النساء والشباب، هذه هي الديموقراطية التي تبشرنا بها الحكومة". وفي الحلة (100 كلم جنوب بغداد) تظاهر المئات امام مبنى المحافظة وسط المدينة، وسط اجراءات امنية مشددة، حاملين اعلاما عراقية ولافتات كتب على احداها "المية خلصت يا ولد وكل الفساد بهل البلد". وفي ظل الاجراءات الامنية المشددة في البصرة (550 كلم جنوب بغداد) تظاهر العشرات في وسط المدينة للمطالبة بالاصلاح المعيشي والامني. وشهدت مدن كركوك (240 كلم شمال بغداد) والناصرية (305 كلم جنوب بغداد) والنجف (150 كلم جنوب بغداد) تظاهرات مماثلة شارك فيها العشرات.