كشف قيادي سابق في «الجماعة الإسلامية المقاتلة» الليبية أن قيادة هذه الجماعة المسجونة في ليبيا حققت «تقدماً كبيراً» في إعداد مراجعاتها الفقهية التي يُنتظر أن تبصر النور في الصيف، وقال إنها ستقدم «أدلة شرعية» على عدم جواز منهج «الغلو» الذي تعتمده بعض الجماعات المسلحة في العالم العربي، بما في ذلك تنظيم «القاعدة». وقال نعمان بن عثمان في اتصال مع «الحياة» إن الدكتور علي الصلابي الذي يتولى دوراً رئيسياً في الحوارات الجارية بين قادة «المقاتلة» والسلطات الليبية، برعاية «مؤسسة القذافي» التي يرأسها سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي، زار القادة المسجونين في طرابلس قبل أيام، وتبلغ منهم أنهم حققوا تقدماً كبيراً في «المراجعات» التي يعكفون عليها منذ فترة. وأشار إلى أن الصلابي أبلغه بنتائج لقائه قادة «المقاتلة»، وهم ستة من أعضاء مجلس الشورى، في 9 حزيران (يونيو) الجاري في طرابلس. ونقل عنه أن قادة «المقاتلة» أكدوا له أن الإجراءات التي اتخذتها أجهزة الأمن في الفترة الماضية في حقهم والتي سمحت لهم باللقاء بحرية مع بقية السجناء في أبو سليم، ما زالت مستمرة، وان هذه الإجراءات تسهّل عليهم فعلاً مهمة التحاور مع السجناء وسمحت ب «توطيد العلاقة بيننا وبينهم». ونقل بن عثمان عن الصلابي «أن الأمور في غاية الإيجابية»، وأن المسؤول الشرعي في «المقاتلة» سامي الساعدي (أبو المنذر) أبلغه في شكل صريح بأن المراجعات التي يعكفون عليها «تولدت عن قناعة وليست نتيجة إكراه». وأكد القيادي السابق في «المقاتلة» أن «البحث الشرعي» الذي يعدّه أعضاء شورى الجماعة «قطع مرحلة كبيرة، ويُتوقع أن يكون جاهزاً خلال شهر ونصف الشهر. سيكون جاهزاً على الأرجح في آب (أغسطس) المقبل». وأضاف أن قادة «المقاتلة» أكدوا أن البحث الشرعي يتناول «ظاهرة العمل المسلح في شكل عالمي، وليس فقط في ليبيا. إنهم يريدون أن يؤدوا دورهم في حقن دماء المسلمين والأبرياء في كل مكان». وزاد أن البحث سيرد على «منهج الغلو والتطرف في الدين، ومن هو المؤهل للفتوى، وأحكام التكفير وإباحة الأموال، وأمور أخرى من هذا القبيل. الواضح أن البحث سيتناول تصرفات يقوم بها تنظيم القاعدة وسيقدّم أدلة شرعية على عدم جوازها». وأوضح بن عثمان أن القيادي في «المقاتلة» أبو المنذر الساعدي كان طلب من الصلابي أن يحضر كتاباً للقاضي المالكي أبو عاصم كي يساعدهم في إعداد بحثهم الشرعي، لكن الصلابي بحث عنه في دول عربية عدة ولم يجده. لكنه خلال زيارته إحدى المكتبات في العاصمة الليبية عثر عليه عن طريق الصدفة وسلّمه إلى أبو المنذر. وقال أيضاً أن الإعلان عن انتحار ابن الشيخ الليبي، مسؤول معسكر خلدن في أفغانستان سابقاً، لم يترك على ما يبدو أثراً سلبياً لدى قادة «المقاتلة» يدفعهم إلى التشكيك في نيات السلطات. ومعلوم أن السلطات الليبية أكدت أن ابن الشيخ أقدم على الانتحار الشهر الماضي في زنزانته في أبو سليم. وسُلّمت جثته إلى ذويه حيث دُفنت في أجدابيا شرق ليبيا. وتأتي المعلومات عن «التقدم» في الحوارات التي تُجرى بين قادة «المقاتلة» والسلطات الليبية بعد أيام من مقالة نشرها القيادي السابق في «المقاتلة» عبدالله منصور في «الحياة» دافع فيها عن الحوار مع الحكم وعن ضرورة إعداد مراجعات شرعية لإصلاح أي أخطاء قد تكون الجماعة قامت بها. وتسري تكهنات بأن قيادة «المقاتلة» خارج ليبيا ستصدر بياناً قريباً تؤيد فيه الحوارات بين القيادة المسجونة والحكم الليبي، وترد أيضاً على إعلان القيادي السابق في الجماعة أبو الليث الليبي عن انضمامها إلى تنظيم «القاعدة» في 2008. وأصدر «أمير المقاتلة» عبدالحكيم بلحاج (عبدالله الصادق) في آذار (مارس) الماضي رسالة بخط يده من سجنه أكد فيها أن الجماعة تقوم بمراجعات وحوارات مع السلطات برعاية المؤسسة التي يرأسها سيف الإسلام القذافي الذي أشاد بدوره في تسهيل «مسيرة الحوار».