دعت دراسة بحثية، أعدها ثلاثة أكاديميين، إلى إيجاد تفعيل دور تقنية سياسات للمعلومات في تنمية المدن السعودية. وأكدت على نشر تقنية المعلومات وتضييق الفجوة التقنية في المجتمع، إضافة إلى إيجاد سياسات تضمين تقنية المعلومات في عملية إعداد الخطط المكانية ونشاطات التخطيط العمراني، وكذلك إعادة النظر في سياسات تطوير ممارسة التخطيط والدراسات الحضرية. وأكدت نتائج الدراسة، التي نفذت في جامعة الدمام بدعم مدينة «الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية»، على أهمية مراعاة «تأثير تطور الاتصالات وتقنية المعلومات على المشاريع، خصوصاً الكبيرة منها في المملكة، مثل المدن الاقتصادية، والجامعات، ومشاريع النقل والمواصلات داخل المدن»، مبينة ان «جزءاً كبيراً من النشاطات الحضرية، مثل: التعليم، والتسوق، وإنجاز مهمات العمل، والتواصل الاجتماعي، والترفية، تنجز من خلال الوسائل الالكترونية، بدلاً عن التفاعل المباشر، وجهاً لوجه في الحيز المكاني». وأعد الدراسة التي حملت عنوان «نشوء المدن الإلكترونية ودورها في إعادة تشكيل المدن الاعتيادية في المملكة»، كل من الدكتور فهد الحريقي، والدكتور عمر جربا بنا من جامعة الدمام، والمهندس طلال الحريقي، الذين ناقشوا «أثر الاتصالات وتقنية المعلومات على المدن السعودية، وظهور توأم افتراضي للمدن الاعتيادية». واستغرقت الدراسة، التي نفذها قسم التخطيط الحضري والإقليمي في الجامعة، نحو ثلاث سنوات، وشملت ست مدن رئيسة، هي: الرياض، وجدة، والمدينةالمنورة، وتبوك، والجبيل، والباحة. وتم اختيار عينة المدن «بعناية لتمثل المدن السعودية من ناحية الحجم، والوظيفة، والانتشار الجغرافي، وذلك لفهم التوائم الإلكترونية للمدن، الناتجة من التطورات الهائلة في الاتصالات وتقنية المعلومات التي تشهدها المملكة اليوم». وأوضح الفريق الذي أجرى الدراسة، أن «معظم النشاطات الحضرية كانت تتم في «المدينة الاعتيادية» مكانياً، من خلال التفاعل المباشر وجهاً لوجه. لكن ظهور تقنية المعلومات والاتصالات وتطور أجيالها المختلفة، مكن من إنجاز تلك النشاطات في شكل غير مباشر، بالوسائل الإلكترونية التي أتاحتها الوسائط الرقمية، ما أدى إلى ظهور توأم افتراضي للمدينة الاعتيادية، يمكن تسميته «المدينة الافتراضية»، التي تُمكّن سكانها من أفراد، وهيئات حكومية، ومؤسسات خاصة، من إنجاز نشاطاتهم الحضرية، من خلال التفاعلات الإلكترونية». وذكر رئيس الفريق الدكتور الحريقي، ان هدف الدراسة هو «تسليط الضوء على المدن الافتراضية، ودورها في إعادة تشكيل المدن الاعتيادية في المملكة»، مبيناً ان الفريق «عمل جاهداً على عدم الوقوف عند دراسة الظاهرة، وإنما اقتراح سياسات لتوظيف تقنية المعلومات لدعم التنمية الحضرية في المملكة، والمساعدة في تحقيق رؤية الحكومة في نشر التنمية، وتوزيعها في شكل متوازن بين المدن والأقاليم». بدوره، أوضح بنا، أن «غياب دراسات مماثلة عن المدن السعودية، أدى إلى قيام فريق البحث بتطوير منهجية خاصة تتوافق مع المدن السعودية، من خلال تحليل وتوثيق الأدبيات ذات الصلة في الدراسة. كما تم تطوير منهجية الدراسة وتحديد أهدافها، وغاياتها بالأخذ في الحسبان طبيعة التطورات المتلاحقة في تقنية المعلومات، والخصائص المحلية للمدينة السعودية». وركز البحث على «استراتيجيات تحفيز تكامل النشاطات الاعتيادية والافتراضية، وتفاعلها الإيجابي لدعم التنمية الحضرية في المملكة». وذكر المهندس الحريقي، أن الدراسة شملت «مسوحات ميدانية للمدن قيد الدراسة، وحللت خصائص المدن الاعتيادية، وتتبعت تطور الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة، من خلال المصادر الثانوية، المتمثلة في الدراسات والتقارير المنشورة. إذ تم رصد تطور الخصائص الفيزيقية والاقتصادية الاجتماعية للمدن المختارة، بالتركيز على السنوات العشر الماضية». وأضاف الحريقي، «لم تقتصر مساهمة الفريق على تقديم أول دراسة من نوعها على المستوى العالم العربي عن المدن الافتراضية، بل اقترحت أدوات بحثية حديثة للتعرف على خصائص المدن الافتراضية، من خلال مسح مواقع الإنترنت الخاصة بالأفراد، والهيئات الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الخاصة». كما عمل الفريق البحثي على «تحليل تأثير تقنية المعلومات على نشاطات السكان، سواءً الاعتيادية، أو الافتراضية، من خلال مسح ميداني لعينة تمثل السكان والنشاطات التجارية والحكومية في هذه المدن».