أن تكون مشاهدة فيلم سينمائي جديد على قائمة مواعيد ومهام شخص أميركي في الولاياتالمتحدة، فلا شيء يدعو للاستغراب. لكن أن يكون هذا الموعد مع فيلم سعودي اسمه «مناحي» في الرياض، فالفضول حتماً هو السبب في وجود الكاتب الأميركي والصحافي السابق في «نيويورك تايمز»، ستيفن كينزر قريباً من الحدث على هامش العرض السينمائي المثير للجدل، ومناقشته للمعترضين على عرض «مناحي». وصل كينزر إلى السعودية فجر الأحد الماضي، وقد تصدر خبر تجاوزات المعترضين على فيلم «مناحي» أخبار الصحف لتكون أول الأنباء الغريبة للأستاذ الجامعي الذي يزور السعودية للمرة الأولى. وربما صار الفضول أكبر فور سماعه أخبار ما حصل في عرض يوم الاثنين. وبمجرد حصول ستيفن كينزر على تذاكر العرض، والذي كان نقطته الأخيرة في الرياض قبل المغادرة إلى اسطنبول، لم تكن الحماسة غائبة عن محياه، متخيلاً ومتوقعاً ما سيحصل، ومتسائلاً بكثرة عن سبب هذه التصرفات. وصل كينزر ومعه تساؤلاته إلى مركز الملك فهد الثقافي حيث العرض، وقد اجتمع المعترضون أمام المركز وسط تشديدات أمنية مكثفة. اقترب منهم أكثر وقد بدا أحدهم متوتراً وهو يحاول الحديث إلى المسؤول عن العلاقات العامة في شركة روتانا ابراهيم بادي، في ظل محاولات من ضباط الأمن لتهدئة الموقف. وفشلت أولى المحاولات للحديث مع أحدهم، والذي رفض بحجة «عدم رغبته في رؤية هذه الوجوه»، مؤكداً ومشدداً على أن هؤلاء، يقصد الأميركيين، يعرفون سبب الاعتراض جيداً، وأنهم ليسوا في حاجة إلى من يخبرهم بذلك. ولم ينته المعترض الأول من حديثه حتى أبدى أحدهم استعداده للقاء ستيفن كينزر، ليقترب من المعترضين، الذين تجمعوا حوله لسماع ما سيتساءل عنه الأميركي. وكان الحديث كالآتي: المترجم: ما الذي تريد أن تسأل عنه ستيفن؟ كينزر: أود أن أعرف ما الذي تقومون به؟ المعترض: نحن نقوم بالإنكار على هذا العرض السينمائي. كينزر: ولماذا تفعلون ذلك؟ المعترض: لأننا نطيع الله، وبعملنا هذا نقوم بما أمرنا الله به. كينزر: ما الذي تظنونه في الموجودين في الداخل؟ المعترض: نظن أنهم على معصية وخطأ. كينزر: وماذا عن الذين يشاهدون الأفلام السينمائية على «دي في دي» في منازلهم؟ المعترض: هم أيضاً على معصية وخطأ. كينزر: ما الذي تريدونه من كل هذا؟ المعترض: نحن نتمنى أن ننقذ الموجودين في الداخل من نار جهنم وندلهم على طريق الجنة. أحد المعترضين يتداخل وقد اقترب موعد صلاة العشاء يسأل المترجم: قل له اننا نسأل الله أن يكتب له دخول الإسلام. كينزر رافعاً يديه وبلكنة تركية: «إن شاء الله». وبعد دخول العرض الأول تساءل كينزر عن القاعة والتي لم تبدُ ممتلئة بالمشاهدين، ثم قرر الانسحاب على مشهد «مناحي» وقد اشترى أسماء أبناء قبيلته متجهاً للاستثمار فيها. من جانبها، أكدت روتانا في بيان صحافي أمس أن الفيلم شهد أعلى أرقام حضور له يوم الخميس الماضي من دون أن يسجل أي حالة إيقاف لمعترضين، إذ حضر العرضين الأخيرين أكثر من 3000 شخص، وتابع العرض الأول 1241 منهم، بينما تابع العرض الثاني 1713 مشاهداً، إضافة إلى نحو 60 إعلامياً بعضهم يعمل لوكالات أجنبية غطوا الحدث.