تؤمن السعودية بالمرأة، وتعدها عنصراً مهماً من عناصر قوة المجتمع، وسعت إلى تمكينها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وتوفير مناخ آمن وخدمات تسهّل لها القيام بواجباتها الوطنية، مع ضمان تمتّعها بحقوقها الكاملة في مختلف المجالات، لما في تمكينها من دفع لعجلة التنمية، بما يحقق رؤية المملكة للتنمية المستدامة 2030. ويعتبر العامان الأخيران للمرأة السعودية من أهم أعوام تحقيق طموحاتها، وذلك بعد سلسلة من القرارات الداعمة لها. ولامس هذا التطوّر جوانب مهمَّة نقلت الشكل السابق للحياة في المملكة للمرأة والرجل على حد سواء إلى مستويات أخرى. إذ ظهر هذا التغيير على البعد الاجتماعي جلياً، من خلال تقلّص مستوى الأمية، ونجاحات المرأة السعوديَّة المتتالية في التعليم، فأعداد الخريجات تفوق أعداد الخريجين، ومن الناحية الصحيَّة حققت المملكة نجاحاً كبيراً من خلال خفض وفيات النساء. سياسياً، منذ دخول 30 امرأة في مجلس الشورى أصبحت قضايا المرأة تثار في شكل مستمر، وأصبح صوتها مسموعاً أكثر من ذي قبل، وقضاياها مطروحة للمناقشة. أما اقتصادياً، فجاء تمكين المرأة من خلال السعي إلى توظيفها ودعم المشاريع الصغيرة، وتولّيها مناصب كبيرة، إذ تحتل سعوديات كثيرات مراكز متقدّمة في قيادة كبريات المؤسسات المالية والصناعية والإعلامية، منهن على سبيل المثال لبنى العليان، التي تتصدّر عضوية عدد من المؤسسات، منها «النبك الأول»، وسارة السحيمي التي تترأس مجلس إدارة شركة السوق المالية السعودية (تداول) البورصة الأكبر شرق أوسطياً، وهدى الغصن أول سعودية تحتل منصباً قيادياً في عملاق صناعة النفط السعودية «أرامكو»، ورشا الهوشان، التي صنّفتها مجلة «فوربس» ضمن أقوى السيدات العربيات في عام 2016، ورانيا نشّار أول سعودية تبلغ منصب رئيس تنفيذي لمجموعة «سامبا» المالية. وتؤكّد الأكاديمية المهتمة بشؤون المرأة الدكتورة منى محمد، أنه بالجدل الأكبر (قيادة المرأة السيارة) الذي استغرق سنين من المنع والتأييد والرفض، ومروراً بجدالات أضيق حول حرية عملها وخياراتها واستقلاليتها ومجال تحرّكها وفقاً لقراراتها لا قرارات الولي، وليس انتهاء بتوسّع مجالات حضورها في العمل والمحاكم والفضاءات العامة وساحات الترفيه والملاعب، يتكشّف أن الخطوة الأولى هي ليست تهيئة المجتمع، بل اتخاذ القرار. وتقول محمد: «تتغيّر المجتمعات في شكل سريع جداً، وقبول ما كان محظوراً لا يتطلّب أكثر من إصدار قرار بالسماح حتى يصير مألوفاً ومعتاداً». وتضيف: «قبل أعوام استغرق جدل تأنيث المحال النسائية ما استغرقه من وقت، وبصدور القرار صارت الأسواق محتشدة بالفتيات السعوديات العاملات في هذا المجال، وسط قبول مجتمعي واعتياد سريع». كما أسهمت قرارات العامين الماضيين في دعم المرأة على مختلف الأصعدة، بضبط زواج القاصرات الذي أقرّته الجهات التشريعية، ومن بينها قصر الإذن من في سن ال17 فما دون على المحكمة المختصة، وأن يكون طلب التزويج مقدّماً من الفتاة أو وليها الشرعي في النكاح أو والدتها. إضافة إلى تنظيم صندوق النفقة للمطلّقات والأبناء، وارتبط مباشرة بوزارة العدل، وهدفه النفقة على المستفيدين من دون تأخير، وصرف الموقت منها للمستفيد المستحق قبل صدور الحكم بصرفها، وتمكين المرأة من الخدمات من دون اشتراط موافقة ولي الأمر، وذلك بالإقرار بعدم مطالبتها بالحصول على موافقته في حال تقديم الخدمات لها، ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا لطلب، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. والسماح للمرأة بقيادة السيارة بدءاً من منتصف العام الحالي، وشمل القرار توجيهاً لإدارة المرور بالبدء في إصدار رخص القيادة للنساء اعتباراً من 24 حزيران (يونيو) المقبل، مع سنّ نظام لمكافحة التحرش. وأخيراً وليس آخراً قرار السماح للعائلات بدخول المنشآت الرياضية، إذ فتحت الهيئة العامة للرياضة المجال للعائلات السعودية بدخول الملاعب الرياضية. وكان وزير الخدمة المدنية عبدالله الملفي أكدّ في ورشة عمل عقدت الأسبوع الماضي، تحت عنوان «تمكين القيادات النسائية وزيادة تمثيلها في مواقع اتخاذ القرار في المملكة العربية السعودية»، ما وصلت إليه المرأة السعودية من مستوى عالٍ في مجال المقوّمات المعرفية في المستويات كافة. وأشار إلى أن الوزارة التي تشرف على التوظيف في القطاع الحكومي، تعمل على زيادة تمكين القيادات النسائية ومواقع اتخاذ القرار والوظائف القيادية.