أبدت فاعليات سياسية في الموالاة والمعارضة ارتياحها ازاء النتائج الجزئية لانتخابات البلديات التي جرت الجمعة في المغرب، لكنها التقت جميعها في انتقاد الظروف التي هيمنت على الاقتراع لناحية استخدام «المال السياسي» وانتهاك القوانين وحدوث مواجهات وأعمال عنف إلى درجة «محاولة سرقة صناديق الاقتراع»، إضافة إلى تأثير ظاهرة «النواب الرحّل» التي ترتبط بتغيير نواب انتسابهم السياسي. وأعلنت وزارة الداخلية أمس النتائج الجزئية لما يناهز 22 ألف مقعد من أصل 28 ألفاً. واحتل حزب الأصالة والمعاصرة، الحديث النشأة، المرتبة الأولى بأكثر من 4854 مقعداً، يليه الاستقلال بزعامة رئيس الوزراء عباس الفاسي ب 4246 مقعداً، ثم تجمع الأحرار بحوالي ثلاثة آلاف مقعد، والاتحاد الاشتراكي ب 2534 مقعداً، ثم الحركة الشعبية ذات الهوية الأمازيغية ب 1767 مقعد، ثم العدالة والتنمية الإسلامي الذي حصل على 1135 مقعداً. غير أن هذه النتائج لا تعكس بالضرورة التراتيبية السياسية بعد الانتهاء من فرز كل الأصوات والإعلان عن النتائج النهائية الذي كان مقرراً ليل أمس. وقالت مصادر سياسية إن حيازة أعداد أكبر من المقاعد لا يعني بالضرورة الاستئثار بتسيير المجالس الحضرية والقروية التي ستتطلب على الأرجح تحالفات بين أكثر من حزب، إضافة إلى أن النتائج هي للدوائر التي جرى فيها الاقتراع على النمط الفردي. لكن الأحزاب التي حازت على غالبية واضحة في دوائر محددة ستكون مرشحة لحيازة رئاسة البلديات المعنية من دون الحاجة إلى تحالفات. وحافظت الأحزاب الرئيسية الست، أي الأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الاشتراكي وتجمع الأحرار والحركة الشعبية والعدالة والتنمية، على أولوية الترتيب مع تفاوت بارز في أعداد الدوائر. وأعلن في غضون ذلك عن فوز الوزراء الاستقلاليين ياسمينة بادو وكريم غلاب وعبداللطيف معزوز، في حين أخفق وزير العمل جمال اغماني من الاتحاد الاشتراكي. وأفلح بعض عمداء المدن في انتزاع الثقة مجدداً مثل محمد ساجد في الدارالبيضاء وعمر البحراوي في الرباط وإدريس النميمي في سلا وحميد شباط في فاس، في مقابل تعثر دهمان الدرهم من الاتحاد الاشتراكي في طنجة، لكن زعيم الاتحاد الاشتراكي عبدالواحد الراضي فاز بمقعد في دائرته التقليدية في القصيبية في منطقة الغرب. ونقلت وكالة «رويترز» عن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالاله بن كيران مساء الجمعة إن العملية الانتخابية عرفت استعمالاً واسعاً للمال وشراء الأصوات، كما أن أنصار حزبه ومرشحوه تعرضوا للضرب والتعنيف وصل الى حد كسر ذراع أحدهم وحرق بيت آخر وتكسير الصناديق. وأضاف للصحافيين أن وزارة الداخلية تعهدت التحقيق في الموضوع. إلى ذلك، أعلنت مصادر رسمية أن نسبة الاقتراع بلغت 51 في المئة. وقال وزير الداخلية شكيب بن موسى إن ذلك يعكس تطوراً بارزاً بالنظر إلى ظاهرة العزوف التي سادت الانتخابات الاشتراعية لعام 2007. وفسر المسؤول المغربي ارتفاع نسبة المشاركة في المحافظات الصحراوية بأنه «ذو دلالات سياسية» ترتبط بتطورات نزاع الصحراء. بيد أن مراقبين رأوا أن نسبة المشاركة كانت أقل عن نظيراتها في بلديات 2003 التي بلغت 54 في المئة، لا سيما في ضوء ترفيع الهيئة الناخبة في ضوء تسجيل أكثر من مليون ونصف مليون ناخب جديد بلغوا سن الاقتراع. لكن تأثير العزوف في الاستحقاقات الاشتراعية كان له بالغ الأثر في الترحيب بالنسبة التي تم تحصيلها في انتخابات البلديات. وعزا وزير الداخلية ذلك إلى أجواء التعبئة وارتباط انتخابات البلديات بمشاكل الناخبين وقضاياهم. غير أن جهة الدارالبيضاء، مركز الكثافة البشرية وشريان الاقتصاد والتجارة والمال، سجلت نسبة متدنية لا تزيد على 29 في المئة، في مقابل نسبة 68 في المئة من جهة السمارة العاصمة الروحية للمحافظات الصحراوية، تليها جهة الداخلة - وادي الذهب بنسبة 65 في المئة، فيما حددت النسبة في الرباط ب44 في المئة. وقلل وزير الاتصال (الإعلام) خالد الناصري من مضاعفات بعض أعمال العنف والمشادات، معتبراً أن ذلك كان طفيفاً ويعكس درجة المناخات بين المترشحين. ويقود (رويترز) حزب الأصالة والمعاصرة فؤاد عالي الهمة وهو وزير منتدب سابق في وزارة الداخلية المغربية وصديق مقرب من العاهل المغربي محمد السادس من أيام الدراسة. وترشح الحزب في أكثر من 60 في المئة من الدوائر الانتخابية بينما ترشح حزب الاستقلال في 50 في المئة. ويطرح حزب الأصالة والمعاصرة نفسه كبديل للإسلاميين وللأحزاب القديمة كحزب الاستقلال. وخسرت الحكومة غالبيتها البرلمانية الشهر الماضي عندما سحب الحزب دعمه لها. وانضمت كتلته البرلمانية التي تضم 46 نائباً الى صفوف المعارضة ولكن ظل أحد قادة الحزب وزيراً للتعليم.