أُسدِل الستار أخيراً في القاهرة على الدورة الخامسة عشرة من مؤتمر «كايرو آي سي تي» Cairo ICT 2011 والمعرض المرافق له. وشهدت الدورة إقبالاً من الجمهور، لم تؤثر فيه قلة حضور المستثمرين. وقدرت زيادة زوّار المعرض بقرابة 36 في المئة، مقارنة بالعام الماضي. وعكست الزيادة الاهتمام الشديد بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات عقب «ثورة 25 يناير». وعلى رغم الظرف الحسّاس سياسياً الذي تمر به مصر، ظهر تصميم عام على ضرورة انعقاد المؤتمر، كي لا تهتز صورة مصر عالمياً. وعلى رغم التحديات التي واجهت شركات الصناعة الرقمية في سياق مشاركتها في المؤتمر، إلا أن هذا الحدث أثبت أن صناعة التقنية الرقمية تستطيع أن تكون قاطرة النهوض بالاقتصاد المصري في الفترة المقبلة. اقتحام عالم السياسة رقمياً ساد بين المشاركين في «كايرو آي سي تي» توقّع بدخول قوي لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحياة السياسية في مصر، وأنه لن يقتصر على تعديل قانون الاتصالات. وأرسل المؤتمر إشارة قوية وواضحة، الى أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قطاع واعد وقوي ومستمر في نموه مصرياً. والمعلوم أن مساهمة هذا القطاع في الناتج القومي تنامت خلال السنوات القليلة الماضية، إلى قرابة 3 في المئة. وشاركت 350 شركة في الدورة ال15 للمؤتمر. ولوحظت مشاركة مكثّفة من دول حوض النيل وبعض الدول العربية. وأقيم المعرض على مساحة 22 ألف متر مربع، أي ما يقلّ بقرابة 3 في المئة عن العام الماضي. وبحماسة، شاركت جهات حكومية في المؤتمر، مثل «الشركة المصرية للاتصالات» و «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» و «إيتيدا» و «وزارة الدولة للتنمية الإدارية». والمعلوم أن «كايرو آي سي تي» احتضن مشاركة «إيتيدا» منذ انطلاقة عملها. واعتبر كثير من متابعي الشأن المعلوماتي في مصر، المؤتمر فرصة حقيقية للشركات حتى تدور عجلة الاقتصاد في ظل التباطؤ الاقتصادي الموجود الذي يعانيه المجتمع المصري، والذي ربما استمر لبعض الوقت. شاركت «ايتيدا» بجناح ضمّ أكثر من 45 شركة مصرية. وكشفت «إيتيدا» عدداً من المبادرات الاستراتيجية لإعادة القوة الى قطاع التقنيات الرقمية في مصر. كما أعلن «الصندوق الاجتماعي للتنمية» أكثر من برنامج لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة، بتمويل يصل إلى 150 مليون جنيه مصري (يساوي الدولار 5.5 جنيهات مصرية)، كي تتمكن هذه الشركات من فتح أسواق جديدة في أفريقيا أو في منطقة الخليج أو بعض الدول العربية. وشهدت الدورة مبادرات استراتيجية متنوّعة، لعل أبرزها التعاون بين شركة «نوكيا» Nokia وهي عملاق صناعة أجهزة الخليوي عالمياً، و «مركز الإبداع وريادة الأعمال»، وبين شركة «هواوي» الصينية ومعهد «شبكة التكنولوجيا والمعلومات» Network Technology Information في مصر، وفرع شركة «مايكروسوفت» المتخصص بنُظُم الهندسة الإلكترونية Microsoft Certified System Engineer لتدريب خريجي كليات الهندسة وتأهيلهم للدخول سوق العمل، وإعلان شركة «سيسكو» العالمية عن ضخ استثمارات في السوق المحلي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار وغيرها. وفي هذا المعنى، مثّل المؤتمر ومعرضه فرصة للتفاعل بين الشركات، ولإظهار عزمها على تطوير المعلوماتية والاتصالات في مصر، مع إدماج البعد الاجتماعي في تطوّرها. وافتتح المعرض وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري الدكتور ماجد عثمان، بحضور كونسيلس نيبيجرس وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في بوروندي، وجان فيليكس باجانون سفير فرنسا (ضيف الشرف)، وخالد بالخيور نائب رئيس شركة «عربسات» ArabSat، وفرانك مارتينيز مدير العلاقات الحكومية والمشرف على مبادرة الحاسوب المحمول للأطفال في شركة «انتل» Intel العالمية. وعقد المؤتمر دورته لهذا العام تحت عنوان «مستقبل نصنعه» Make the Future، الذي يشير إلى العلاقة الوثيقة بين المعلوماتية والاتصالات من جهة، والمتغيّرات الاجتماعية العميقة من الجهة الثانية. وعلى هامش الدورة، أُبرِمت مجموعة من الاتفاقيات البارزة، مثل مذكرة التفاهم بين «مركز الإبداع التكنولوجي» و «نوكيا» عن التدريب وتنمية المهارات الفنية للشباب المصري، خصوصاً ما يتصل بالتطبيقات الموجودة على أنواع الخليوي التي تنتجها «نوكيا». وكذلك أُبرِمت مذكرتا تفاهم بين شركة «هواوي» الصينية و «المعهد القومي للاتصالات». شملت الأولى تنظيم دورات تدريبية معتمدة من «المعهد القومي للاتصالات» لكوادر الشركات المعتمدة لدى «هواوي». وركّزت الثانية على إطلاق برنامج مصري للتدريب على تكنولوجيا المعلومات، في إطار منحة صينية لمصر ب 4 ملايين دولار. اختبار عملي للبرامج الذكية في إطار «كايرو أي سي تي»، أعلن الدكتور عمرو بدوي الرئيس التنفيذي ل «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قرب التوسّع في أرقام الخليوي عند نهاية الصيف الحالي. والمعلوم أن عدد مشتركي الخليوي في مصر يقارب ال 70 مليون مشترك، ما يعني أيضاً وجود آفاق للتوسّع في الترقيم، خصوصاً مع ميل شركات التقنية لاستخدام شرائح الخليوي في تقنيات متنوّعة تتصل بخدمات لها طابع متطوّر نوعياً. وأطلقت «مايكروسوفت» في المؤتمر، برامج ذكية لزيادة الإنتاجية عند الأفراد والمؤسسات. كما عرضت مجموعة تقنياتها ومنتجاتها الجديدة، كي يتعرّف الجمهور إليها عن قرب بطريقة عملية. وشارك خبراء «مايكروسوفت» في نشاطات المؤتمر والمعرض، خصوصاً الندوات التي غطّت مجموعة من القضايا المرتبطة بدور تكنولوجيا المعلومات في مرحلة البناء المقبلة في مصر. وفي هذا السياق، لاحظ حازم نبيه مدير التسويق في الفرع المصري للشركة أن المعرض كان فرصة للجمهور لاختبار تجربة منتجات «مايكروسوفت» الجديدة، ومشاهدتها أثناء السيناريوات المختلفة للعمل. وضرب مثالاً على ذلك العروض التي شرحت القدرات الهائلة لمتصفح الإنترنت «إكسبلور 9»، ونظام التشغيل الجديد المخصّص للخليوي»ويندوز 7 «. كما عرضت الشركة نفسها تقنيات مبتكرة في «حوسبة السحاب» Cloud Computing، مع ما يرافقها من خوادم متخصّصة، وبيئات افتراضية للعمل على هذا النوع من الحوسبة. ولم يغب الترفية عن الحدث القاهري. إذ حضر عبر معرض «كايرو مِت» cairo met الذي صاحب «كايرو آي سي تي». ولوحظ أن الشركات العاملة في مجال الميديا الرقمية، حرصت على الاشتراك في هذا المعرض. وفي تعليق لافت، أعرب الشاعر والكاتب وائل الغرياني، وقد ارتبط اسمه ب «ثورة يناير»، عن قناعته بأن مصر ستصبح في مصاف الدول المتقدمة في القريب العاجل، بعد نجاح ثورتها. وأكّد وجود حال من الخوف لدى البعض، وقد رآه شعوراً طبيعياً في الوقت الحاضر، متوقعاً أن يأتي المستقبل بالطمأنينة للجميع.