ما يعرفه الوسط الرياضي السعودي من احتقان وتعصب يستحق إنشاء مركز متخصص في دراسة هذا «الهوس»، ومحاولة الوصول إلى معالجة أسبابه ونتائجه، مع مراعاة أن يكون هذا المركز على مستوى العالم العربي لتقديم خدماته إلى جميع الشعوب التي أصبناها بعدوى «الهياط» الكروي، ومع الأسف أن الأشقاء العرب باتوا يتبارون في الطرد وراء الأسماء والألقاب، بعدما فقدوا فرصة التفوق على الأرض فراحوا يبحثون عنها في دفاتر التاريخ والصراخ في القنوات الفضائية وهي أعراض تؤكد العدوى. وخلال الأسبوع الماضي وعقب تتويج الرجاء البيضاوي ببطولة الدوري المغربي لكرة القدم، راح اللاعبون يطوفون الملعب بعلم كبير كتب عليه عبارة «العالمي» في إشارة إلى أن فريقهم شارك في كأس العالم للأندية، وهو الانجاز الذي لم يحققه الجار اللدود الوداد، ما جعلهم يرددون دائماً أن الوصول إلى مونديال الأندية عملية «عصيبة مجهدة»، وهي توازي عبارة العالمية «صعبة قوية» مع فارق اللفظ، وهو تأكيد على أن أمراض الوسط الرياضي السعودي وصلت إلى المحيط بلا جدال، خصوصاً أن كثيراً من الإعلاميين المغاربة كانت لهم تجارب في الصحف السعودية، ومن لم تكن له تجربة منهم كان له حضور في المحطات التلفزيونية المهتمة بالشأن السعودي، وفي الجوار الخليجي تبدو حال العدوى مستشرية بطريقة أكثر تأثيراً، ففي الإمارات وقطر والبحرين لا يصدر عدد من صحيفة أو مجلة إلا ويحتوي على جدل حول لقب «الزعيم» ومن يستحقه، ولا يكاد يعرض برنامج تلفزيوني إلا وتنشب فيه حرب ضروس على طريقة احتساب البطولات ومن هو نادي القرن! اللافت أننا نغرق ونُغرق ما حولنا بصناعة الألقاب المستمدة من أمجاد الماضي دون حاضر يستحق الثناء، واللافت أنها ألقاب مع مرور الزمن ستفقد قيمتها لأن كرة القدم تتطور في العالم بينما نحن مازلنا نراوح في المكان نفسه منذ سنوات طويلة، خصوصاً أن التعصب دفاعاً عن الألقاب بات يفوق التعصب للأندية نفسها، ولو قلت إن النصر ليس «العالمي» الوحيد في آسيا، أو أن الهلال سيفقد لقب «الزعيم» خلال خمس سنوات لثارت ثائرة الملايين على اعتبار أن هذه من الثوابت التي لا يجب مناقشتها، علماً بأن أكثر من 60 نادياً في العالم يحملون لقب «العالمي»، ما يجعل هذا اللقب يحمل الكثير من التقليدية، وكذلك لقب «الزعيم» الآسيوي الذي سيفقده الهلال لأن أندية طاجيكستان وقيرغيستان ستصبح الأكثر تحقيقاً للبطولات بفضل السيطرة على بطولة كأس الرئيس الآسيوي منذ عام 2005، ما يعني أننا نتحدث عن ألقاب وانجازات من الماضي فقدت قيمتها مع مرور الزمن وهي بحاجة إلى حاضر يبرهنها. [email protected]