طرابلس، لندن - «الحياة»، رويترز، أ ف ب، أ ب - بدأ رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، زيارته الثانية إلى طرابلس امس، لإجراء محادثات مع العقيد معمر القذافي تتناول حل الأزمة في ما بدا انه محاولة إقناع لتخليه عن السلطة ومغادرة البلاد مع أبنائه و»إنقاذ ما يمكن من المزايا لأبناء قبيلته ومن ساندوه». لكن هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) نقلت عن ناطق باسم زوما قوله «إن الهدف الأساس للزيارة هو الوصول إلى وقف لإطلاق النار وليس البحث في استراتيجية خروج القذافي». وكان في استقبال زوما في مطار طرابلس مسؤولون كبار ليس من بينهم القذافي، الذي لم يشاهد في العلن منذ أن عرض التلفزيون الليبي لقطات له في 11 أيار (مايو) خلال اجتماع قيل انه مع زعماء قبائل. وسار زوما على البساط الأحمر في مطار طرابلس بينما أخذت فرقة من الأطفال تغني بالإنكليزية، على وقع الموسيقى، «نحن نريد القذافي» وحمل أفرادها الأعلام الليبية وصور زعيمهم. ولم تحقق زيارة زوما السابقة إلى طرابلس، التي جاءت نيابة عن الاتحاد الأفريقي، نجاحاً يُذكر بعدما رفض القذافي التخلي عن السلطة وقالت المعارضة «إن رحيله شرط مسبق لأي اتفاق هدنة». وصعّدت طائرات حلف شمال الأطلسي هجماتها الجوية على عاصمة النظام وتعرّض مجمع باب العزيزية، مقر إقامة القذافي وسط العاصمة، للقصف مرات. وأعلنت بريطانيا الأحد أنها ستضيف قنابل خارقة للتحصينات للترسانة التي تستخدمها طائراتها في ليبيا، وهو سلاح قالت انه سيُرسل رسالة قوية إلى القذافي ب «أن الوقت حان لرحيله». وأعلن أندرس فو راسموسن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي امس «أن الحملة العسكرية في ليبيا تحقق أهدافها وأن حكم القذافي يقترب من النهاية». وقال، في منتدى للحلف في فارنا امس، «عمليتنا في ليبيا تحقق أهدافها، أضعفنا بشكل كبير قدرات القذافي لقتل شعبه». واستطرد «الحكم الإرهابي للقذافي يقترب من النهاية، أصبح معزولاً بشكل كبير في الداخل والخارج، المقربون منه يرحلون أو ينشقون أو يتخلون عنه». ورفض الأميرال الأميركي سامويل لوكلير، قائد القيادة المشتركة للعمليات في نابولي التعليق على ما إذا كان الحلف سينشر قوات برية في ليبيا، لكنه قال «قد تكون هناك حاجة لنشر قوة صغيرة على الأرض لمساعدة المعارضة فور انهيار حكم القذافي». وقال لمنتدى فارنا «أتوقع أن تكون هناك حاجة في وقت ما لنشر قوة صغيرة...عدد قليل من الأفراد لمساعدتهم ‘المعارضة' بطريقة ما.» وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن القنابل الخارقة للتحصينات التي تزن الواحدة منها نحو طن وتستطيع اختراق اسقف أو جدران المباني الحصينة وصلت إلى قاعدة جوية إيطالية تستخدمها الطائرات البريطانية في قصف أهداف ليبية. وقال وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس في بيان «نحن لا نحاول استهداف أفراد في الدائرة الضيقة المحيطة بالقذافي من الذين يعتمد عليهم لكننا بالتأكيد نرسل لهم رسائل مدوية بشكل متزايد.» وأضاف «ربما يكون القذافي عاجزاً عن السمع لكن من حوله سيكونون من الحكمة بحيث يسمعون.» ويقول الحلف انه يتعامل وفقاً لتفويض من الأممالمتحدة بحماية المدنيين من الهجمات التي تشنها قوات القذافي في محاولة لإخماد انتفاضة شعبية ضد حكم القذافي المستمر منذ أربعة عقود. لكن التكتيكات الأكثر عنفاً تثير المخاوف من وقوع انقسامات بين الدول الأعضاء مع هشاشة التأييد للتدخل العسكري بالأساس كما قد يعجل باستدراج الحلف إلى نشر قوات برية في ليبيا وهي خطوة يحاول الحلفاء بشدة تفاديها. وكانت لقطات مصورة أظهرت قوات أجنبية، ربما تكون بريطانية، بالقرب من مصراتة الليبية التي تسيطر عليها المعارضة. وظهر في اللقطات عدد من المسلحين الذين يرتدي بعضهم نظارات شمسية وأوشحة عربية لكنهم ابتعدوا بعدما انتبهوا أن أحداً يصورهم. وقال سفير بريطاني سابق في ليبيا إن وزير خارجية القذافي أجرى محادثات في تونس السبت مع لورد ديفيد تريفغارن الوزير السابق في الحكومة البريطانية، لكن السفير السابق، الذي شارك في المحادثات، رفض الإفصاح عن تفاصيلها في وقت شددت الحكومة البريطانية على أنها لا تجري محادثات مع مسؤولين موالين للقذافي سواء بشكل مباشر أو من خلال وسطاء. وتسيطر المعارضة المسلحة على شرق ليبيا خصوصاً بنغازي ومصراتة، ثالث كبرى المدن الليبية في الغرب، وعلى منطقة الجبل الغربي التي تمتد من الزنتان على بعد 150 كيلومتراًَ من طرابلس إلى الحدود مع تونس. وتمكنت المعارضة بمساعدة من طائرات حلف شمال الأطلسي من صد هجمات القوات الموالية للقذافي لكنها لا تزال تتعرض للقصف في مواقع عدة وتحاول الدفاع عن مناطق انقطعت عنها سبل الإمداد. وقال مراسل لوكالة «رويترز»، في الزنتان انه سمع انفجارات عشرة صواريخ تضرب مشارف البلدة الأحد. وأشار إلى أن هذه الصواريخ لم تسقط على ما يبدو في مناطق سكنية ولم ترد تقارير عن سقوط ضحايا. وقطعت القوات الموالية للقذافي الكهرباء عن معظم أنحاء منطقة الجبل الغربي ما يهدد إمدادات المياه النقية ويمثل تصعيداً لحرب الاستنزاف مع المعارضة المسلحة التي تسيطر على المنطقة. وفي مصراتة قال متحدث باسم المعارضة إن قوات المعارضة المسلحة تمكنت من صد هجوم لقوات القذافي في ضاحية الدافنية على الطرف الغربي للمدينة. وقالت وكالة «اسوشيتدبرس» إن قوات المعارضة أبعدت قوات القذافي نحو 15 كلم اضافية عن المدينة الشهر الجاري. ونقلت عن صلاح الدين بادي احد القادة الميدانيين، الذي قدر عدد المدافعين عن المدينة بحوالى ثلاثة آلاف مقاتل، أن المعارضة تدافع عن ثلاث جبهات محيطة بمركز المدينة. وقال التلفزيون الليبي امس إن حلف شمال الأطلسي شن غارات جوية على زليتن، ثاني مدينة في الغرب على الطريق الساحلي باتجاه طرابلس من مصراتة ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً. وذكر التقرير أيضاً أن حلف الأطلسي شن غارات جوية على الجفرة. ولم يذكر متى وقعت الغارات على أي من المدينتين. كما تحدث التلفزيون الليبي أيضاً عن ضربات جوية شنها الحلف خلال الليل على منطقة تيجي قرب مدينة نالوت بالجبل الغربي ما تسبب في حدوث «خسائر بشرية ومادية». واصطحب مسؤولون ليبيون صحافيين الأحد إلى مدرسة في طرابلس قرب القسم الذي تعرض لقصف طائرات حلف شمال الأطلسي في مجمع باب العزيزية السبت. ولم تكن في المدرسة آثار تذكر على إصابتها في القصف لكن ناظر المدرسة حامد المفطر قال «إن الانفجار الذي وقع بالقرب من المدرسة تسبب في تحطيم نافذة أو اثنتين وروع الأطفال الذين كانوا يؤدون الاختبارات». وأضاف «تصوروا المشهد مع وجود أطفال بهذا العمر في مدرسة بهذه القدرة. لقد حاولوا الفرار جميعاً في الوقت نفسه... هؤلاء مدنيون». وبينما تجول الصحافيون في المدرسة قاد المدرسون التلاميذ لترديد الهتاف المؤيد للقذافي «الله ومعمر وليبيا وبس».