رفض رئيس الاتحاد الآسيوي السابق، محمد بن همام التعليق على الاتهامات التي تساق ضده في شأن دفعه رشاوى لأجل حصول قطر على حقوق تنظيم نهائيات كأس العالم 2022، وهو الأسلوب ذاته الذي اتبعه عضو المكتب التنفيذي السابق في «فيفا»، خلال الفترة الماضية، تجاه الاتهامات التي طاولته أكثر من مرة. ويبدو أن الضغوط تسير في اتجاه متصاعد، إذ أكد نائب رئيس «فيفا»، الأرلندي الشمالي جيم بويسي أنه يؤيد إعادة التصويت على منح استضافة مونديال 2022 في حال إثبات مزاعم الفساد في الحملة القطرية. (راجع ص 28) ونفى أعضاء في اللجنة العليا للمشاريع والإرث (اللجنة العليا لتنظيم مونديال 2022 سابقاً) أية علاقة بابن همام، مؤكدين أنه لم يكن له أي دور في حملة الترشيح، كما نفوا علمهم بتحويل أي مبالغ منه. وأصدرت اللجنة بياناً صحافياً أمس (تلقت «الحياة» نسخة منه) أكدت فيه أنها التزمت بمعايير عالية من الأخلاق والنزاهة في سباقها نحو استضافة كأس العالم 2022، وجاء في البيان: «إننا نؤكد في مطلع هذا البيان حرص لجنة ملف قطر 2022 طوال فترة عملها على الالتزام بأعلى درجات النزاهة والمعايير المهنية والأخلاقية أثناء خوضها منافسات نيل شرف استضافة بطولة كأس العالم 2022. أما فيما يتعلق بالمزاعم الأخيرة التي نشرتها صحيفة صنداي تايمز الإنكليزية، فإننا نعلن مجدداً أن محمد بن همام لم يكن له أي دور رسمي أو غير رسمي في لجنة ملف قطر 2022، كما كانت الحال مع أي من أعضاء المكتب التنفيذي في «فيفا»، إذ كان على فريق ملف قطر 2022 إقناع ابن همام بالمزايا التي يتضمنها الملف القطري». وواصل: «إننا في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، باعتبارنا امتداداً طبيعياً للجنة ملف قطر 2022، نتعاون في شكل كامل مع التحقيقات الحالية التي يجريها غارسيا وفريق عمله، ونثق تماماً بأن أي تحقيق موضوعي سيؤكد في النهاية حقيقة أن فوز ملفنا باستضافة كأس العالم 2022 كان نزيهاً ولم تشُبْه أية شائبة. كما أننا نرفض جملةً وتفصيلاً ما نشر في مختلف الوسائل الإعلامية كافة من مزاعم وافتراءات، وسنتخذ الإجراءات الضرورية كافة للدفاع عن سلامة وسمعة ملفنا، وسيتولى محامونا النظر في هذه القضية». واختتم: «إن فوز ملفنا بحق استضافة البطولة تحقق لأننا على قناعة بأنه كان أفضل الملفات وأكثرها تميزاً، ولأن الوقت حان لمنطقة الشرق الأوسط لاستضافة هذا الحدث العالمي للمرة الأولى في تاريخ البطولة». وكانت صحيفة «صنداي تايمز» الإنكليزية أشارت إلى أنها تمتلك «ملايين» من رسائل البريد الإلكتروني ووثائق أخرى متعلقة بدفعات مزعومة من ابن همام لرؤساء اتحادات أفريقية، وهو ما دعا نائب رئيس «فيفا» الأرلندي الشمالي جيم بويسي إلى المطالبة، خلال حديث إلى «بي بي سي»، بإيصال هذه الأدلة إلى غارسيا، مؤيداً إعادة التصويت على استضافة المونديال. وقالت الصحيفة أن ابن همام وضع مبالغ تصل إلى 200 ألف دولار في حسابات مصرفية لرؤساء 30 اتحاداً أفريقياً لكرة القدم، فضلاً عن استضافته أحداثاً في أفريقيا، إذ سلم مزيداً من الأموال في مقابل دعم ملف قطر. واتهم ابن همام في آيار (مايو) 2011 بشراء بعض أصوات اتحاد كونكاكاف قبل الانتخابات لمنصب رئيس «فيفا» ضد الرئيس الحالي السويسري جوزيف بلاتر، ثم انسحب من السباق قبل أن يتم إيقافه مدى الحياة، ووجدت محكمة التحكيم الرياضي لاحقاً «عدم وجود أدلة مباشرة»، مشيرة في الوقت عينه إلى أنها لا تستطيع أن تحكم ببراءة ابن همام، وتركت الباب مفتوحاً أمام «فيفا»، «لمواصلة تحقيقاته» في حال التوصل إلى أدلة جديدة بخصوص هذه القضية. أعلن ابن همام بعد ذلك استقالته من منصبه في رئاسة الاتحاد الآسيوي ومن عضوية «فيفا»، لكن الأخير قرر شطبه مدى الحياة «طالما أن لجنة الأخلاق هي صاحبة الصلاحية في إصدار قرار في حق أي شخص، حتى في حال استقالته». كما أشارت الصحيفة الإنكليزية إلى أن ابن همام وضع أيضاً 1.6 مليون دولار في الحسابات المصرفية للترينيدادي جاك وارنر، نائب رئيس «فيفا» ورئيس اتحاد الكونكاكاف السابق، 450 ألفاً منها قبل التصويت على استضافة كأس العالم. وكان وارنر واحداً من 22 شخصاً صوتوا في 2010 لاستضافة روسيا مونديال 2018 وقطر مونديال 2022، لكنه استقال من منصبه في حزيران (يونيو) 2011 بعد اتهامه بتلقي الأموال في مقابل التصويت لقطر. وذكرت «صنداي تايمز» أن ابن همام لم يجب على أسئلتها، وأن ابنه رفض التعليق بدلاً منه. وتأتي هذه المزاعم بعد شهرين من نشر صحيفة «دايلي تيليغراف» الإنكليزية أيضاً تقريراً تحدثت فيه أن وارنر تلقى رشوة بقيمة مليوني دولار، من شركة قطرية يملكها ابن همام للتصويت لملف قطر. وكتبت «دايلي تيليغراف» في حينها أن وارنر حصل على 1.2 مليون دولار بعد فوز قطر بملف الاستضافة، فيما تسلم ولداه 750 ألف دولار، وأحد الموظفين 400 ألف دولار بحسب وثائق تملكها. وأضافت أن إحدى شركات ابن همام دفعت 1.2 مليون دولار لوارنر عام 2011. ويجري «فيفا» تحقيقات حول عملية التصويت لمنح روسياوقطر استضافة مونديالي 2018 و2022 بعد اتهامات بالفساد. ويترأس المحامي الأميركي مايكل غارسيا فريق التحقيق التابع ل«فيفا»، ومن المتوقع أن يجتمع بمسؤولين قطريين في لجنة ملف مونديال 2022 في عُمان اليوم (الإثنين)، وهو سيرفع تقريره في وقت لاحق هذا العام. وتعرضت قطر لانتقادات شديدة بسبب إقامة النهائيات في فصل الصيف الحار في منطقة الخليج، وبسبب ظروف عمل وإقامة الأجانب العاملين في المشاريع المرتبطة بالمونديال، وأشارت تقارير صحافية إلى تسجيل نسب وفيات مرتفعة بين العمال. كما أن بلاتر اعترف الشهر الماضي بأن اختيار قطر لاستضافة مونديال 2022 في فصل الصيف، كان «خطأ بسبب الحرارة المرتفعة في الإمارة الخليجية خلال فصل الصيف». وأضاف بلاتر: «تعلمون بأن الكل يرتكبون أخطاء في حياتهم، التقرير الفني الخاص بقطر يشير إلى أن المناخ يكون حاراً جداً في الصيف، لكن اللجنة التنفيذية (للفيفا)، وبغالبية الأصوات قررت بأننا سنلعب (المونديال) في قطر». وكرر موقفه حول إقامة مونديال قطر في الشتاء بقوله: «أفضل موعد لاستضافة مونديال 2022 هو نهاية العام، يجب أن نكون واقعيين إلى حد ما، بالنسبة إلي إذا غيرنا وسنغير لأنه لا يمكننا اللعب في فصل الصيف على رغم أن قطر تصر، يجب أن نلعب في فصل الشتاء في نهاية العام».